فمن ناحية واحدة أيضا ، وهي أنّ المعنى الحرفي على ذلك القول له سنخ وجود خارجي ، وهو عبارة عن الوجود لا في نفسه ، ولذا يختصّ بالجواهر والأعراض ولا يشمل الواجب والممتنع ، بخلاف مسلكنا فإنّه سنخ مفهوم ثابت في وعاء المفهوميّة ، ويشمل الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد.
ويكون امتيازه عن القول الآخر ـ أعني : القول بأنّ الموضوعة لها الحروف هي الأعراض النسبية ـ من ناحيتين :
الاولى : أنّ المعنى الحرفي على ذلك الرأي والاختيار مستقلّ بالذات ، بخلاف مسلكنا فإنّه ليس بمستقلّ بالذات ، بل تعلّقي لا استقلالي.
والناحية الثانية : أنّه على ذلك المسلك سنخ مفهوم له الاختصاص بالجواهر والأعراض من دون أن يشمل غيرهما ، بخلاف مسلك المختار فإنّه سنخ مفهوم له شمول لجميع تلك الموارد والأقسام في مرحلة الاستعمال من دون أيّ لحاظ عناية في الكلام على نهج واحد بلا أيّ وجه إشكال وارتياب.
هذا تمام الكلام في القسم الأوّل من الحروف.
وأمّا القسم الثاني من الحروف : وهو ما يدخل على المركّبات التامّة وما في حكمها ، وهي التي تفيد تقيّد التامّ ، كحروف النداء والتمنّي والترجّي وأمثال ذلك ، فإنّ مدخولها إنّما يكون من المركّبات التامّة أو ما في حكمها ، كمدخول حرف النداء ، فإنّه وإن كان مفردا إلّا أنّه يفيد فائدة تامّة ، فحاله حال الجمل الإنشائية ؛ إذ كلمة (ليت) إنّما تدلّ على الحال الذي يكون للمتكلّم ويبرزه ويبيّنه بالحكاية الممتلئة من الآمال والاشتياق على نحو خاصّ من الشدّة والطلب في مقام التخاطب بالنسبة إلى مطلوبه.
وهكذا كلمة (لعلّ) التي لها حكاية عن حالة رجاء المتكلّم بالحصّة الخاصّة من المرجوّ بما له من شدّة العلاقة والاشتياق إلى العلم والفقاهة والذهاب