الإنشاء والإخبار
قال المحقّق صاحب الكفاية قدسسره بعد ما اختار أنّ المعنى الحرفي والاسمي متّحدان بالذات والحقيقة ، ومختلفان باللحاظ الآلي والاستقلالي : «لا يبعد أن يكون الاختلاف بين الإنشاء والخبر أيضا من هذا القبيل». إلى آخر ما قال قدسسره.
بيان ذلك : انّ الجمل على قسمين : إحداهما إنشائية ، والاخرى خبرية ، والمشهور بينهم أنّ الاولى موضوعة لإيجاد المعنى في الخارج ، ولأجل ذلك فسّروا الإنشاء بإيجاد ما لم يوجد ، والثانية موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه.
والحقّ في المقام ـ كما يأتي بيانه عن قريب ـ أنّ الجملة الإنشائية وضعت للدلالة على قصد المتكلّم لإبراز أمر نفساني في غير قصد الحكاية عند إرادة تفهيمه ، والجملة الخبرية موضوعة للدلالة على قصد المتكلّم الحكاية عن الواقع ثبوتا أو نفيا ؛ إذ من الواضح أنّ هذا القسم من الحروف كالجملة الإنشائية ، بمعنى أنّه وضع للدلالة على قصد المتكلّم إبراز أمر نفساني غير قصد الحكاية عند قصد تفهيمه.
فحروف النداء مثل كلمة «يا زيد» ـ مثلا ـ وضعت لإبراز قصد النداء وتوجيه المخاطب إليه ، وهكذا حروف الاستفهام موضوعة لإبراز طلب الفهم ، وحروف التمنّي كما تقدّم موضوعة لإبراز التمنّي ، وحروف الترجّي موضوعة لإبراز الترجّي ، وهكذا سائر الحروف كحروف التشبيه وأمثالها.