تستعمل في المحاورة مستقلّة.
ثمّ كذلك التزم بأنّ الفرق بين الخبر والإنشاء يكون من هذا القبيل (١) من حيث المفهوم ، وذكر في وجه بيان ذلك : أنّ الجمل إنشائية كانت أو خبرية ، والخبريّة اسميّة كانت أو فعلية ، إنّما تعلّقت بها علقة الوضعية لأجل دلالتها على ثبوت النسبة في الخارج أو سلبها في الإيجاب والسلب كقول المخبر : زيد قائم ، أو : ليس زيد بقائم.
وبالجملة ، فإنّ علقة الوضعية كما تعلّقت بالجمل الخبرية بلحاظ دلالتها على ثبوت النسبة في الإيجاب وعدم ثبوتها في السلب في الخارج ، كذلك تعلّقت بالجمل الإنشائية من حيث دلالتها على تحقّق مضمونها في الخارج ، إذ لا أشكّ أنّ المتكلّم إذا أراد إخبار السامع عن بيع داره في الشهر الماضي يقول : بعت داري في الشهر الماضي قبل اسبوعين ، كما يخبر عن بيع داره في المستقبل بقوله : أبيع داري عن قريب في الزمان الآتي.
والحاصل : لا فرق بين الخبر والإنشاء من حيث الدلالة ، وإنّما الفرق بينهما بالدواعي فقط ، بمعنى أنّ الإنشاء يمكن أن يكون بداعي الإخبار كما عرفت آنفا. نعم ، قد تستعمل الجملة الإنشائية بداعي إيجاد المعنى كما تستعمل الجملة الخبرية كذلك ، مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٢).
هذا تمام الكلام في ما يستفاد من كلامه قدسسره.
ولكنّ الإنصاف أنّه لا يمكن المساعدة على ما أفاده قدسسره ، وذلك من جهة أنّ
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٧.
(٢) البقرة : ١٨٣.