بينهما من ناحية الداعي إلى الاستعمال (١). هذا.
فلا يذهب عليك أنّه لا بدّ لنا من التحقيق في المقامين :
المقام الأوّل : في كيفية الجملة الخبرية.
والمقام الثاني : في الجملة الإنشائية.
أمّا الأوّل : قد وقفت على مسلكنا الصحيح مفصّلا بما لا مزيد عليه من أنّ الجملة الخبرية موضوعة للدلالة على قصد الحكاية والإخبار عن الثبوت في الموجبة أو النفي في السالبة في الواقع ، وأنّها غير موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع في الموجبة ونفيها عنه في السالبة ، وذلك من ناحيتين :
الناحية الاولى : أنّها لا تدلّ على ثبوت النسبة خارجا أو على عدم ثبوتها ولو من باب الظنّ ، مع قطع النظر عن حال المخبر وعن القرائن الخارجية الحالية والمقالية والمقامية ، كما إذا كان المخبر هو المعصوم عليهالسلام ، مع أنّ دلالة اللفظ لا تنفكّ عن مدلوله الوضعي ولو كان إيجاد هذا الصوت اللفظي من اصطكاك جسم بجسم بقانون الوضع ، وإلّا لم يبق للوضع فائدة في اللغة والمحاورة ، فإذا فرضنا أنّ الجملة بما هي لا تدلّ على تحقّق النسبة في الواقع وليست بكاشفة عنها أصلا وأبدا حتّى بنحو الظنّ ، فما معنى كون الهيئة موضوعا لها ؟ بل يصبح ذلك لغوا فلا يصدر من الواضع الحكيم.
نعم هي وإن كانت عند الإطلاق توجب تصوّر الثبوت أو النفي في الواقع ، إلّا أنّه ليس مدلولا للهيئة ، فإنّ التصوّر ـ كما تقدّم ـ لا يكون مدلولا للجملة التصديقية بالضرورة.
وبالجملة ، إنّ قانون الوضع والتعهّد يقتضي عدم تخلّف اللفظ عن الدلالة على
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٧ ، الفوائد الاصوليّة : الفائدة الاولى.