الألفاظ والحروف إرادة تفهيم تلك الحاجات الدخيلة في نظام المعاش والمعاد. وعليه فالجملة الخبرية ـ بمقتضى الاعتبار وتعهّد الواضع في أنّه إذا قصد الحكاية عن الثبوت أو النفي في الواقع تكلّم بها ـ تدلّ على أنّ الداعي والموجب إلى إيجادها ذلك الغرض العظيم ، فتكون بنفسها مصداقا للكشف والدلالة والحكاية من حيث الطريقية ، فيكون هذا الكشف والإبراز والحكاية غير منفكّ عنها بوجه من الوجوه ، حتّى فيما إذا تكلّم بها المتكلّم من باب الهزل والغفلة ، أو في حال النوم والغشوة من دون أن يكون المتكلّم في مقام التخاطب والتفاهم والإفادة والتفهيم عند الثبوت والواقع فيما إذا لم تكن قرينة منصوبة على خلاف الظاهر بالنسبة إلى مقام الإثبات ، فعند ذلك إن تكلّم يكون على خلاف مقتضى التعهّد والالتزام. وأمّا الحكاية والدلالة فهي غير منفكّة عن الكلام ، بل هي موجودة بالقطع واليقين لا محالة ، ويكون كلام المتكلّم حجّة عليه ببناء العقلاء على قانون المحاورة من ناحية تعهّده والتزامه.
والحاصل ، أنّ الجمل الإنشائية إنّما تدلّ على اعتبار المعتبر عمّا تكلّم به من البيع والنكاح والإجارة ، فإذا تكلّم المتكلّم بكلمة «بعت» يتبادر إلى ذهن السامع أنّ الناطق بهذا الكلام إنّما اعتبر التبديل والتبدّل والمبادلة.
وبعبارة اخرى ، إنّ الناطق إذا قال : «بعت داري من عمرو» ، يتبادر إلى ذهن السامع أنّ البائع المتلفّظ بهذه الجملة الإنشائية إنّما يكون في مقام اعتبار التبديل والتبدّل والمبادلة بين الدار والثمن الذي يكون ملك المشتري في قبال المثمن ، وهكذا بالنسبة إلى بيع الفرس والبغل والسيّارة والطيّارة والفلوس ، فجملة : «بعت داري» منه أي من البائع إنّما تكون حاكية ومبرزة عن اعتقاد البائع في عالم نفسه واعتباره بأنّه اعتبر داره ملكا لعمرو ، فيكون الإنشاء من المنشئ مبرزا عن اعتقاده عمّا أنشأه واعتبره في عالم نفسه واعتباره من ملكية الدار