تدلّ على أنّ الداعي إلى إيجادها ذلك لا غير ، فتكون بنفسها مصداقا للحكاية ، فهذه هي الدلالة بقانون الوضع لمن يكون مطّلعا عليه غير منفكّة عنها حتّى فيما إذا لم يكن الناطق بها في مقام التفهيم والتفهّم والإفهام بالنسبة إلى مقام الثبوت والواقع عند عدم نصب القرينة على الخلاف في مقام الإثبات كما تقدّم مفصّلا. وغاية ما في الباب أنّ إخباره وتكلّمه عندئذ يكون على خلاف مقتضى تعهّده والتزامه من دون إخلال بالدلالة ، فإنّ الدلالة متحقّقة بقانون الوضع عند من يكون عالما بالوضع في المحاورة لا محالة ، ويكون كلام الناطق حجّة عليه ببناء الوضع عند العقلاء من أهل المحاورة من ناحية تعهّده والتزامه بالقطع واليقين.
نعم ، هذه الدلالة منتفية عند نصب القرينة على خلاف الظاهر ، كما إذا علم من الخارج أنّ الناطق والمتكلّم نائم يتكلّم في حال النوم أو الغشية ، أو يكون في مقام الإرشاد أو الهزل والسخرية أو الاستهزاء ، أو في مقام تعداد الجمل وذكرها من باب المثال ، فإنّ الجملة الخبرية عند ذلك لا تدلّ على قصد الحكاية.
ويترتّب على ما ذكرناه أنّ الجملة الخبرية من ناحية الدلالة الوضعية لا تتّصف بالصدق والكذب ، فقولك : زيد كاتب أو عادل أو عالم ، يدلّ على أنّ الناطق والمتكلّم بهذا الكلام إنّما يكون في مقام قصد الحكاية عن ثبوت الكتابة والعدالة والعلم لزيد ، أمّا أنّه متّصف بهذا الوصف في الخارج وأنّه مطابق للواقع الخارجي أو غير مطابق فهو خارج عن الوضع والدلالة ، بل هو أجنبيّ عن الوضع والدلالة بالكلّية من الأصل والأساس.
فانقدح بما بيّنّاه في المقام أنّ الجمل الإنشائية أيضا تكون كذلك ، إذ ليس للإنشاء والاعتبار عالم متصوّر غير عالم النفس ، وذلك من جهة أنّ الإنسان محلّ لعروض الحوائج والابتلاء والبلوى بالضرورة والبداهة ، لأنّ فقر الإنسان واحتياجاته يكون كالشمس من المشاهدات من دون أن يكون ذلك من حيث