الإثبات محتاجا إلى الدليل والبرهان ، ولكن ذلك يختلف بالنسبة إلى الأوقات والأزمان بحسب تحوّلات الزمان في الأمكنة والأعصار ؛ إذ من الضروري أنّه في بعض البلاد يحتاج إلى الخيل والبخال ، وفي بعض الآخر يفتقر إلى السيّارة ، وفي الجوّ محتاج إلى الطيّارة ، وفي البحر إلى الباخرة ، وفي بلاد البرد يحتاج إلى الفروة ، وفي الحرّ يحتاج إلى المبرّدة.
فعلى نظام هذه الاحتياجات فالحوادث الواقعة عليه بالجبر التاريخي ربما تجبره إلى تبديل خيوله بالسيّارة ، ففي عالم اعتباره واعتقاده يلزم نفسه بذلك الاعتبار ، من المبادلة.
ولكن مجرّد ذلك لا يترتّب عليه شيء من دفع ذلك الاحتياج والمحذور من الحاجة المسلّمة في الطريق إلى نيل المقصود من دون إبراز ذلك الاعتبار وإظهاره ، بل دفع الحاجة إنّما يترتّب على إبراز ذلك الاعتبار النفس الأمري المخفي في القلب والاعتقاد في وعاء عالم الاعتبار بمبرز ومظهر معتبر عند العرف والعقلاء ، مثل جملة : (بعت خيولي بسيّارتك أيّها المشتري).
فمن دون استخدام هذه الجملة ـ بعنوان الكاشفة عن هذا الاعتبار النفساني من حيث الدلالة والتعهّد والالتزام بذلك الاعتبار بمبرز واضح في مقام الإثبات والدلالة بعنوان التخاطب والإفهام ـ لا يبلغ الإنسان الفقير المحتاج إلى مقصوده وأخذه غرضه من ذلك الاعتبار ، فلا جرم لا بدّ من أن يبرز ويظهر ذلك الاعتبار بجملة : (بعتك خيولي بسيّارتك أيّها المشتري) عند التخاطب في مقام التفهيم والتفهّم ليترتّب عليه الغرض المقصود من الاعتبار ، فالناطق بهذه الجملة الإنشائية يفهم بأنّ قصدي في مسير دفع احتياجي اقتضى أن تكون خيولي ملكا للمشتري ليعتبر هو سيّارته في ملكي.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّ ذلك المبرز يمكن أن يكون هو الفعل نظير المعاطاة