بالنسبة إلى بعض الأشياء ، مثل أخذ الشحّاط من الجعبة ووضع النقود في المكان المعدّ لإلقاء النقود فيه ، فإنّ الآخذ الذي وضع النقود أمام بائع الخضروات بعنوان المتعاطي والمشتري يخبر البائع بما يكون مكنونا في قلبه واعتباره من المبادلة بين النقود والخضروات بوضع النقود بين يدي البائع وأخذ الخضروات منه. ولكن ذلك لا يكون بتمام الكفاية في الوصول إلى الغرض الأقصى وتمامه في مقام التفهيم والتفهّم.
بل المحصّل التمام ومبيّن الأتمّ والمبرز المشرق في تأمين ذلك المقصد في نهاية السهولة منحصر في دلالة الألفاظ ؛ لأنّ عهدة رسالة هذا الأمر الأهمّ خارجة عن إحاطة غيرها من الأفعال بعنوان المعاطاة والإيماء والإشارات ، ولأجل ذلك عيّن بعنوان الوضع في الجمل الإنشائية كالخبرية استخدام الألفاظ في طريق الكاشفية والدلالة على ذلك الاعتبار النفساني بالنسبة إلى مقام التخاطب والإفهام.
وبالنتيجة اتّضح أنّ وظيفة الجمل الإنشائية ـ كالجمل الخبرية ـ ليست إلّا الكشف والحكاية عن اعتبار المعتبر الذي يكون بيده أمر الاعتبار في ذلك الوعاء والمكان بالقطع واليقين كالشمس في الافق المبين.
فانقدح بذلك أنّ ما يكون هو المعروف في ألسنة الأصحاب من أنّ الإنشاء ليس شأنه الدلالة والحكاية ، بل إنّما هو آلة للإيجاد وعلّة لإيجاد المنشأ والموجب في الخارج ، ضروري البطلان ، إذ لا شكّ أنّ الألفاظ الإنشائية ليست من أجزاء العلّة التي لها دخل في وجود المعنى في الخارج عقيب الإيجاب كإرادة ذات قدّوس الحقّ : «كن فيكون» العياذ بالله ، إذ لا شك أنّ اللفظ ليس من الأجزاء التي لها دخل في وجود المنشأ والمعنى في الخارج ، بلا فرق في ذلك بين الخبر والإنشاء ، على أنّ ذلك لو كان صحيحا لكان الإنسان في أمن من