الكسب والاكتساب والاشتغالات الشاقّة لتحصيل الفلوس ، بل بمجرّد الإنشاء يوجد النقود في الخارج من الدرهم والدينار.
فصار المتحصّل من جميع ما ذكرناه في المقام أنّه لا فرق بين الخبر والإنشاء من حيث إنّ كلا منهما كاشف عن مقصود المتكلّم بهما. نعم بينهما فرق من ناحية الصدق والكذب حيث إنّ الصدق والكذب مختصّ بالخبر دون الإنشاء ؛ وذلك من جهة أنّهما إنّما يكونان من أوصاف الحكاية ، وليس في الإنشاء نحو حكاية حتّى يمكن أن تتّصف بالصدق والكذب.
ومن هنا انقدح أنّه لا فرق بين الجمل الخبرية والإنشائية في الدلالة الوضعية ، فكما أنّ الجملة الإنشائية لا تتّصف بالصدق والكذب ، بل هي مبرزة لأمر من الامور النفسانية ، فكذلك الجملة الخبرية ، فإنّها مبرزة لقصد الحكاية عن الواقع نفيا وإثباتا حتّى فيما إذا علم المخاطب كذب المتكلّم في إخباره.
فالجمل الإنشائية والإخبارية تشتركان في أصل الإبراز والحكاية والدلالة على أمر نفساني ، وإنّما الفرق بينهما في ما يتعلّق به الإبراز ، فإنّه في الجملة الإنشائية أمر نفساني لا تعلّق له بالخارج ، ولذا لا يتّصف بالصدق والكذب ، بل يتّصف بالوجود والعدم ، وفي الجملة الخبرية أمر متعلّق بالخارج ، فإن طابقه فصادق وإلّا فكاذب.
وإلى حدّ الآن تبيّن أنّ المتّصف بالصدق والكذب إنّما هو مدلول الجملة لا نفسها ، واتّصاف الجملة بالصدق والكذب إنّما هو بتبع مدلولها وبالعرض والمجاز ، ولذا لو أمكن فرضا الحكاية عن شيء بلا دالّ عليه في الخارج لكانت الحكاية بنفسها متّصفة بالصدق أو الكذب لا محالة.
فانقدح بما ذكرناه في المقام أنّه لا فرق في إبراز الحكاية بين الألفاظ وغيرها من أقسام الإشارات والإيماءات أو الكتابة أو نحوها من طرق الحكاية ، إذ كلّ