المعنى في مرحلة الاستعمال ممّا لا بدّ منه ولا مناص عن ذلك اللحاظ ، إذ من البديهي والضروري أنّ الاستعمال فعل اختياري للمستعمل فيتوقّف صدوره على تصوّر اللفظ والمعنى ، فعند ذلك فللواضع أن يعتبر ويجعل العلقة الوضعية في الحروف بما إذا لوحظ المعنى في مقام الاستعمال آليا ، وفي الأسماء بما إذا لوحظ المعنى استقلالا ، ولا يجب على الواضع أن يجعل لحاظ المعنى والمفهوم آليا كان أو استقلاليا قيدا للموضوع له ، بل هذا لغو وعبث بعد ضرورة وجوده وأنّه في مقام الاستعمال ممّا لا بدّ منه.
وهذا بخلاف أسماء الإشارة والضمائر ونحوهما ، فإنّ الإشارة إلى المعنى ليست ممّا لا بدّ منه في مرحلة الاستعمال. والوجه في ذلك أنّه إن اريد بالإشارة استعمال اللفظ في المعنى ودلالته عليه كما نقول : فلان أشار إلى هذا المطلب ، كما قد تستعمل في ذلك نظير قولنا : قد أشرنا إليه في ما تقدّم ، أو فلان كالشيخ الطوسي أشار إلى المطلب الفلاني في كلامه أو كتابه ، فهذه الإشارة يشترك فيها جميع الألفاظ ، فلا اختصاص لها بأسماء الإشارة وما يلحق بها.
وإن اريد بها أمر زائد على الاستعمال فلا بدّ من أخذه في الموضوع له ، بداهة أنّه ليس كلحاظ المعنى ممّا لا بدّ منه في مقام الاستعمال ، بمعنى أنّه ليس شيئا يقتضيه طبع الاستعمال بحيث لا يمكن الاستعمال بدونه ، فلا بدّ من أخذه قيدا في المعنى الموضوع له ، وإلّا فالاستعمال بدونه بمكان من الإمكان.
وبالجملة ، فإنّ مراده بالإشارة الاستعمال ، فلا شكّ أنّ الاستعمال قابل لأن تتعلّق به علقة الوضعية ، ولكنّ الحقّ والإنصاف أنّ المراد بالإشارة كما نعلم ذلك بالوجدان في موارد استعمال هذه الألفاظ في كلّ لغة ومحاورة هو الإشارة الخارجية ، بحيث لا يبعد أن يدري ذلك كلّ من يتكلّم بمثل هذه الألفاظ والأسماء في كلّ المحاورات.