الاحتياج إلى الإطلاق والاستعمال المتقدّم بوجه من الوجوه.
ومن الواضحات أنّه يكون من هذا القبيل استعمال اللفظ في شخصه ونوعه ومثله كقولك : (زيد ثلاثي) لكفاية ذات كلمة (زيد) في كونها كافية في الواسطة لإراءة شخصها ونفسها من دون الاحتياج إلى لزوم فرض إطلاقه بمنوال الاستعمالات المتعارفة الحقيقة أو المجازية ، بل لا يبقى مع هذه الإراءة احتياج إلى الاستعمال.
وبهذا الإحضار والدلالة لا يبقى موضوع واحتياج إلى الإطلاق والاستعمال ، فيكون الاستعمال الثاني من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع لأنّ كلمة (زيد) في حدّ نفسها صارت موجبة لإراءة ذات شخصها وتعيّنها ، وذلك مثل ما إذا كان شخص زيد موجودا في الخارج ، بلا فرق في ذلك بين ما إذا كان الحكم مترتّبا على ذات ذلك اللفظ كالمثال المتقدّم ، أو كان اللفظ موضوعا بعنوان الطبيعي لترتّب ذلك الحكم عليه بما له من الأفراد الكثيرة.
مثل ما إذا رأينا حيوانا قاتلا كالحيّة فنقول : هذا الحيوان قتّال ؛ إذ لا شك أنّ صفة القتّالية إنّما تكون من أوصاف ذات نفس طبيعة الحيّة ، فذلك العنصر متى وجد في ضمن أيّ فرد في أيّ إقليم من الأقاليم لا تنفكّ عن هذه الصفة ، كما أنّ أمر السبعية والافتراس يكون كذلك بالنسبة إلى جميع أفرادها الشرقية والغربية ، من دون اختصاص بالأسد في إقليم خاصّ دون الآخر ، فالأسد في أيّ عصر وزمان ومكان وجد لا تنفكّ عنه صفة السبعيّة.
ولأجل ذلك فإنّ أحد أهل الغرب إذا سافر إلى بلاد الشرق فبمجرّد المواجهة مع الأسد يخاف ويفرّ منه من دون أيّ ترديد في ذلك باحتمال أن تكون صفة السبعيّة من الخصوصيات المختصّة بالاسود الموجودة في غابات الغرب.
بل إنّ هذا الاطلاع بالارتكاز والفطرة محسوس حتّى بالنسبة إلى الحمار