أفراد الإنسان مرآة لإراءة الكلّي الطبيعي للإنسان بعنوان أنّه لا ينفكّ عنه في الخارج ، وحينئذ فإنّ المتكلّم بذلك قد قصد ثبوت الحكم للطبيعي ليسري منه إلى أفراده ، كما مثّلنا لذلك بتماثيل متعدّدة في أوّل هذا المبحث.
فالناطق بهذا اللفظ قد قصد ثبوت الحكم للطبيعي بداعي السراية منه إلى تمام مصاديقه ، فهو إنّما أوجد بذلك التكلّم من ناحية ذلك اللفظ أمرين في ذهن المخاطب ، أحدهما : شخص اللفظ الواقع في التكلّم ، والثاني : طبيعي ذلك اللفظ الجامع بينه وبين غيره. ولمّا لم يمكن إيجاده على ما هو عليه في الخارج إلّا بإيجاد فرده فلا يكون من قبيل استعمال اللفظ في المعنى في شيء بوجه من الوجوه ، إذ وجوده في الخارج عين وجود فرده ، وإيجاده عين إيجاد فرده في الخارج.
وعلى ذلك التقريب فغير معقول أن يجعل وجود الفرد فانيا في وجوده أو مبرزا له وعلامة عليه كما تقدّم ؛ إذ كلّ ذلك غير معقول إلّا بين وجودين خارجا ، والمفروض أنّه لا تعدّد ولا اثنينية في المقام ، فإذن لا يمكن أن يكون وجود الفرد واسطة لإحضار الطبيعي في الأذهان ، فإنّ الواسطة مقتضية للتعدّد في الوجود ، وبين الطبيعي وفرده اتّحاد في الخارج لا تعدّد بوجه من الوجوه من الأصل والأساس.
فصار المتلخّص من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ معيار الإطلاق والاستعمال ليس بمتحقّق في أمثال تلك المقامات ، بل الحقّ أنّ الاستعمال غير معقول في أمثال تلك الموارد ، كما عرفت فيما تقدّم.
فانقدح لك أنّ حال المقام يكون نظير حال ما إذا أشار شخص إلى حيّة فقال إنّها سامّة ، فإنّ هذا المشير بإشارته أوجد في ذهن المخاطب أمرين ، أحدهما شخص هذه الحيّة ، والثاني الطبيعي الجامع بينها وبين غيرها من الأفراد