والبيان ، وأنّه هو المنّان بإتمام نعمة البيان على الإنسان.
فإذا وقفت على ذلك فلا يخفى عليك أنّ الدلالة على ثلاثة أقسام : التصوّرية والتصديقية والجدّية ، فلا بدّ لنا من البحث في كلّ من هذه الأقسام الثلاثة بالتفصيل بعون الله الملك الجليل.
القسم الأوّل ـ الدلالة الانتقالية والتصوّرية ، وهي عبارة عن خطور المعنى إلى الذهن بسماع لفظه وانتقال السامع إليه بمجرّد وصول صوته إلى اذنه بعد علمه بالوضع ، ويسمّى هذا القسم من الدلالة بالدلالة التصوّرية وهي غير منفكّة عن اللفظ بعد العلم بالوضع وإن كان موجد هذا الصوت هو اصطكاك الحجر على الحجر فضلا عن الاستعمال في معناه عند المحاورة بالقصد والإرادة ، بل هذا القسم من الدلالة لا يحتاج إلى الاستعمال ، بل بأيّ وجه وجد اللفظ بما له من الصوت بعد علم السامع بوضعه لذاك المعنى ، كما إذا صدر من النائم والمغشيّ عليه.
فهذه الدلالة التصوّرية إنّما تكون معلولة للوضع لمن يكون عالما به وهي لازمة له وغير منفكّة عنه حتّى عند وجدان القرينة في الكلام بأنّ اللفظ لم يستعمل في معناه الظاهر فيه ، فتكون هذه الدلالة بعد العلم بالوضع من الامور القهريّة الخارجة عن الاختيار ، فتكون مترتّبة على سماع اللفظ ولو كان اللافظ نائما بلا شعور واختيار من حيث التكلّم والمقال حتّى لو حدث من اصطكاك الأحجار.
القسم الثاني ـ عبارة عن دلالة اللفظ على كون المتكلّم بهذا اللفظ في مقام الاستعمال والتخاطب وقصد تفهيم السامع والمخاطب وتفهّمه ، ويقال لهذه