الدلالة : الدلالة التفهيمية ، التي سمّيت بالدلالة التصديقيّة أيضا.
فالمراد من هذه الدلالة عبارة عن تصديق المخاطب المتكلّم بأنّه أراد تفهيم المعنى للغير ، وهي في الحقيقة عبارة عن ظهور اللفظ في كون المتكلّم به قصد تفهيم معناه ، بمعنى أنّ المتكلّم بهذا اللفظ إنّما يكون في مقام تفهيم المعنى ، لا في مقام الهزل والسخرية أو الاشتباه وأمثال ذلك.
ولا يذهب عليك أنّ هذا المعنى من الدلالة لا بدّ من أن يحرز من الخارج ، فتكون هذه الدلالة ـ زائدة على العلم بالوضع ـ متوقّفة على إحراز كون المتكلّم في مقام التفهيم ولم تكن هناك قرينة متّصلة بالكلام ، على خلاف ما يكون اللفظ ظاهرا فيه بالوضع ، بل عدم كون الكلام مقرونا بما يصلح للقرينية على خلاف ظاهره ، إذ مع الاقتران ينتفي الظهور ويبقى الكلام مجملا لا محالة ، وإذا لم يكن الناطق في ذلك المقام فلا يبقى للكلام ظهور ودلالة على الإرادة التفهيمية التصديقية بوجه من الوجوه أصلا وأبدا ، كما أنّ وجود القرينة المتّصلة ـ كما تقدّم ـ تمنع عن الظهور والدلالة التصديقيّة.
وملخّص الكلام أنّ تلك الدلالة متقوّمة بكون المتكلّم في مقام التفهيم ، وبعدم وجود قرينة متّصلة بالكلام لتصدّ وتمنع من هذه الدلالة.
القسم الثالث من الدلالة التصديقية : لا يخفى عليك أنّ هذه الدلالة عبارة عن دلالة اللفظ على أنّ المدلول من هذا اللفظ إنّما يكون مرادا جدّيا للمستعمل والمتكلّم بهذا الكلام في جميع مصاديقه وأفراده ، وذلك مثل ما إذا كان اللفظ عامّا وكان جميع أفراده مقصودا للمتكلّم ، فهذه الدلالة التصديقية عبارة عن دلالة اللفظ على أنّ إرادة الجدّية متّحدة مع إرادة الاستعمالية.
بخلاف ما إذا كان المراد من العامّ بعض الأفراد ، وذلك مثل ما إذا كان المراد