هذا مضافا إلى ضرورة صحّة الحمل والإسناد في الجمل ، بلا تصرّف في ألفاظ الأطراف ، مع أنّه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صحّ بدونه ، بداهة أنّ المحمول على «زيد» في «زيد قائم» والمسند إليه في «ضرب زيد» ـ مثلا ـ هو نفس القيام والضرب لا بما هما مرادان.
مع أنّه يلزم كون وضع عامّة الألفاظ عامّا والموضوع له خاصّا ، لمكان اعتبار خصوص إرادة اللافظين في ما وضع له اللفظ ، فإنّه لا مجال لتوهّم أخذ مفهوم الإرادة فيه ، كما لا يخفى ، وهكذا الحال في طرف الموضوع» (١) ، انتهى.
وملخّص الجواب عن جميع تلك الوجوه الثلاثة هو عبارة عن أنّها بتمامها مبنيّة على أخذ الإرادة التفهيمية في الموضوع له بعنوان القيد ، بحيث يكون المفهوم بعنوان الوضع متقيّدا بالإرادة ، بمعنى أنّ ذلك الذي أفاده قدسسره من الوجوه الثلاثة مبنيّ على أخذ الإرادة التفهيمية بعنوان الجزء في المعاني الموضوع لها ، مع أنّك واقف ـ حسب ما تقدّم منّا ـ على أنّ الإرادة غير مأخوذة فيها ، وأنّ الاختصاص والانحصار المذكور غير مبتن على ذلك ، بل إنّما هي مأخوذة في العلقة الوضعية ، فالعلقة مختصّة بصورة خاصّة ، وهي ما إذا أراد المتكلّم تفهيم المعنى باللفظ.
والحاصل إنّ النتيجة الحاصلة من هذا البحث في المقام هي عبارة عن أنّ جعل الإرادة من قيود العلقة الوضعية لا يبقى لتلك الإشكالات مجالا من الأصل والأساس ، لابتنائها بأجمعها على أخذ الإرادة التفهيمية في المعاني الموضوع لها ، وقد ظهر أنّ الأمر ليس بذلك المنوال ، بل يكون خلاف ذلك ، لعدم أخذ الإرادة في المعاني بوجه من وجوه القيدية والجزئية ، بل هي مأخوذة في العلقة
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣١.