إلى البيان ، بل الموضوع في اللغة والمحاورة إنّما يكون منحصرا في وضع المفردات بما لها من الهيئات المفردة ، وهذا الوضع يكفي لإفادة المقاصد المتقدّمة عند المخاطبة في التفهيم والتفهّم بالنسبة إلى جميع تلك الخصوصيات من الكلام في المحاورة ، فإذن يصبح وضع المركّبات لغوا.
ومن الدليل على ذلك مضافا على ما تقدّم ـ أي على عدم وجود وضع مستقلّ للمركّبات بما هي مركّبات ـ أنّ القول بالوضع للمركّبات في مقابل وضع المفردات مستلزم لإراءة المعنى الواحد وإفادته مرّتين وانتقاله إلى الذهن بانتقالين ، مرّة بالإجمال من جهة وضع المركّبات ، ومرّة بالتفصيل من جهة وضع مفردات الكلام ، إذ من الضروري أنّ فرض تعدّد الوضع لا ينفكّ عن تعدّد الانتقال والإفادة والدلالة.
وذلك مثل ما إذا تكلّم الإنسان بلفظ الدار مرّة وبكلمات الحائط والغرفة والساحة اخرى ، إذ من الضروري هاهنا أنّ الانتقال إلى المعنى يكون مرّتين ، غايته أنّهما طوليّان ، بخلاف مقامنا هذا ، فإنّه لو التزمنا بتعدّد الوضع يلزمنا أن نلتزم بعرضيّة الإفادتين والانتقالين.
بيان ذلك أنّ المركّبات بما هي لو كان لها وضع فلا جرم كان وضعها للدلالة والإفادة لما يستفاد من مجموع الهيئة والمادّة في الجملة ، لعدم إمكان تصوّر معنى آخر على الفرض ، مع أنّه من الضروري أنّ فرض تصديق هذا السنخ من الوضع المستقلّ للمركّبات يلزمنا الالتزام بعرضيّة الإفادتين والانتقالين ، لقيام كلّ من الدالّين في عرض تحقّق دالّ آخر بالوضع في المحاورة ، مع أنّ أحدا من الأصحاب لم يلتزم بذلك ، بل الوجدان حاكم بعدم استفادة أزيد من معنى واحد من جميع الاستعمالات الموجودة في المحاورة بالبداهة والضرورة ، وأنّ ما نسب ابن مالك إلى بعض الأصحاب من الالتزام بذلك من المحتمل أنّ هذا