انعدمت ، لأنّها تكون من الامور التصرّميّة ، تجدّ وتنعدم ، فلا يجوز بعد انعدام ذلك اللفظ استعمال مثلها ، حتّى إذا كان المستعمل هو شخص الواضع ، إذ الموضوع بالوضع الأوّل ذلك الوضع ، وإذا فرض أنّ الوضع كان في انحصار لفظ الأوّل ولفظ الثاني يكون غير لفظ الأوّل ولم يوضع لهذا المعنى فلا يجوز استعماله لشخص الواضع ، فضلا عن غير الواضع من المستعملين في طول وضع الأوّل الصادر من الواضع حين الوضع وقبيله.
وبالجملة ، فإنّ الاصوليين قسّموا الوضع إلى نوعي ، كوضع الهيئات ، وإلى الوضع الشخصي ، كوضع الموادّ المتقدّمة.
ولا يذهب عليك أنّ المقصود بالوضع الشخصي ليس وضع شخص اللفظ الصادر من الواضع المتكلّم بذلك اللفظ حين إعلان الوضع ، إذ قد علمت أنّ شخص ذلك اللفظ قد انعدم وتصرّم ، فليس له معاد إلّا في ضمن لفظ آخر مثله في تكلّم آخر كالأوّل ، فيكون الصادر بعد من المتكلّم ثانيا هو مثله لا عينه ولو كان المتكلّم هو نفس الواضع الأوّل لا غيره من المستعملين ، بل المراد منه وضع اللفظ بعنوان وحدته الطبيعية وشخصيّته النفسية الذاتية في قبال وضع اللفظ بعنوان الجامع العنواني ووحدته الاعتباريّة.
فإذن لا يخفى عليك أنّ اللفظ في الوضع الشخصي لا يكون جزئيا ، بل اللفظ إنّما يكون من حيث الوضع عند ذلك نوعيا ، لأنّ الواضع إنّما وضع لفظ زيد نوعيّا دالّا على ذلك الشخص الذي يكون ابن عمرو في الخارج ، لا خصوص اللفظ الذي وقع في كلام الواضع حين الوضع بهذا العنوان المخصوص.
فكأنّ الواضع قال : إنّي وضعت لفظ (زيد) بالعنوان الكلّي اسما موضوعا لهذا الرجل الخاصّ الخارجي بالنسبة إلى الأعلام الشخصية ، وللمفهوم الكلّي في أسماء الأجناس والمفاهيم الكلّية ، بلا فرق بين ما إذا تكلّم بهذا اللفظ في مقام