وبعبارة اخرى : إنّ صحّة الحمل وعدم صحّته يرجعان إلى عالم المعنى والمفهوم والمدلول ، فمع اتّحاد المفهومين ذاتا يصحّ الحمل وإلّا فلا ، وأمّا الحقيقة والمجاز فهما يرجعان إلى عالم اللفظ والدالّ ، وبين الأمرين فرق من السماء إلى الأرض.
نعم ، إن فرض في القضية الحملية أنّ المعنى قد استفيد من نفس اللفظ من دون قرينة كان ذلك علامة الحقيقة ، إلّا أنّه مستند إلى التبادر لا إلى صحّة الحمل كما تقدّم. فصارت النتيجة مبنيّة على أنّ صحّة ذلك الحمل بما هو حمل لا تكون علامة لإثبات الحقيقة ، وهكذا عدمها لا يكون علامة لإثبات المجاز ، بل هما علامة الاتّحاد والمغايرة لا غير ، فنحتاج في إثبات الحقيقة إلى التمسّك بالتبادر من الإطلاق أو نحوه.
وأمّا الكلام في الحمل الشائع ، فتوضيح الكلام فيه أنّ معيار صحّته بجميع أنواعه اتحاد المعنيين ، أي الموضوع والمحمول وجودا وتغايرهما مفهوما ، فذلك الوجود الواحد إمّا أن يكون وجودا لهما بالذات والنفس الأمر ، أو يكون لأحدهما بالذات وللآخر بالعرض ، أو لكليهما بالعرض ، فهذه أقسام ثلاثة.
أمّا القسم الأوّل ، فهو حمل الطبيعي على أفراده ومصاديقه ، وحمل الجنس على النوع ، وحمل الفصل عليه ، وبالعكس ، فإنّ الموضوع والمحمول في كلّ هذه الموارد متّحدان في الوجود الخارجي ، بمعنى أنّ وجودا واحدا وجود لهما بالذات والحقيقة.
مثلا : وجود زيد هو وجود الإنسان بعينه ، كما تقدّم في صدر البحث ؛ لأنّ وجود الطبيعي بعين وجود فرده أو أفراده وليس له وجود آخر غيره ، وإنّما الوجود الواحد وجود لهما بالذات. وإنّما الاختلاف في جهتي النسبة من حيث الكلّي والفرد ، وهكذا يكون الحال في قولك : الإنسان حيوان ، أو قولنا : الإنسان