الاطراد
ومنها ـ أي من علائم الحقيقة ـ : الاطّراد ، كما التزموا بأنّ عدم الاطّراد علامة للمجاز ، والاطّراد عبارة عن كثرة استعمال اللفظ في المستعمل فيه.
ولا يخفى عليك أنّه ليس بعلامة للحقيقة بوجه من الوجوه ، وذلك من جهة أنّه إذا كان هو ـ أي استعمال اللفظ في المعنى ـ حقيقة فلا فرق في ذلك بين أن يكون مطّردا بأزيد من عشر مرّات أو يكون في المرتبة الاولى ، وأن لا تكون بعنوان الحقيقة ، فلا فرق بين أن يكون هو قليلا أو كثيرا بأزيد من ألف مرّة. نعم ، إنّ كثرة الاستعمال ربّما يتحقّق بها الوضع التعييني كما تأتي الإشارة إليه في باب الحقيقة الشرعيّة ، ولا ربط له بمسألتنا في ما نحن فيه من كون الاطراد علامة لإثبات الحقيقة وعدمها.
وأمّا الاطّراد بمعنى استعمال اللفظ في المفهوم الكلّي وتطبيقه على الأفراد أي بمعنى استعماله في المفهوم الكلّي ، مثل ما إذا استعمل لفظ الأسد في طبيعي الشجاع وكان تطبيقه على الأفراد من باب انطباق الكلّي على أفراده ومصاديقه بحيث يكون الاستعمال الواحد منحلّا إلى استعمالات عديدة ، مثل ما إذا قصد القائل من جملة : «إنّ زيدا أسد» بيان شجاعة زيد من باب المبالغة ، بمعنى أنّه في اتّصافه بالشجاعة بلغ حدّا فكأنّه انتقل من مصاديق الإنسانيّة إلى أفراد الأسد في الغابة ، وهكذا إذا كان الفرس بهذا الحدّ من الاتّصاف كما يكون الأمر كذلك في النسر من الطيور وسائر الحيوانات في البرّ والبحر ، بخلاف استعمال