كلمة الشجاع ، لأنّها إذا استعملت إنّما تكون بلحاظ الشخص الخارجي ، لا من باب تطبيق الكلّي على الأفراد والمصاديق من باب الاستعارة والمبالغة ، بل إنّما يدلّ فقط على إثبات أصل اتّصاف زيد بالشجاعة لا المبالغة في الزيادة على حدّ الانتقال من الإنسانية إلى مصاديق الأسديّة ، كما ورد في الشريعة : الطواف بالبيت صلاة.
وكيف كان ، إنّ هذا المعنى من الاطراد إنّما يكون علامة للحقيقة على مسلك بعض الأكابر من المحقّقين ، ولكنّ الإنصاف أنّ هذا المعنى من الاطّراد أيضا كالأوّل ليس بعلامة لإثبات الحقيقة في المحاورة واللغة ، وذلك من جهة أنّ انطباق الكلّي على المصاديق والأفراد ملازم للفرديّة ؛ إذ كيف يعقل أن يكون شيء فردا للكلّي ولا يكون الكلّي منطبقا عليه.
وبعبارة اخرى : إنّ عدم صدق المفهوم على فرد يكشف عن ضيق دائرة ذلك المفهوم الكلّي بالنسبة إلى شموله في حقّ ذلك الفرد المشكوك ، لا أنّه كاشف في موارد الصدق والانطباق بأنّه علامة للحقيقة ، وفي موارد غير الانطباق علامة للمجاز ، وهذا واضح لا يحتاج إلى الدليل والبرهان.
نعم ، هنا اطّراد يمكن أن يعتمد عليه لتحصيل الوثوق به على إثبات الحقيقة في الجملة ، وذلك مثل ما إذا قال شخص : «رأيت أسدا يرمي» وكان المراد من ذلك الاستعمال شخص شجاع من أبناء الإنسان ، ولكن احتملنا أن يكون موجب هذا الانتقال هو لفظ (يرمي) ، ولكن رأينا في استعمال الآخر إسقاط كلمة (يرمي) وأخذ كلمة (يمشي) فيه ، واحتملنا أنّ كلمة يمشي كانت دخيلة في ذلك ، وفي استعمال ثالث أتى في الكلام كلمة يتكلّم ، وقال : رأيت أسدا يتكلّم ، وتخيّلنا أنّ كلمة (يتكلّم) كانت هي الموجبة لهذا الانتقال ، إلى أن انتهى الأمر إلى إسقاط جميع المحتملات والقرائن الحاليّة والمقاليّة التي كنّا نحتمل دخالتها في