كشف عن كونه من المعاني الحقيقية ؛ لأنّ صحّة الاستعمال فيه وإطلاقه على أفراده مطّردا لا بدّ من أن تكون معلولة لأحد الأمرين : إمّا الوضع أو العلاقة ، وحيث لا اطّراد لأنواع العلائق المصحّحة للتجوّز ثبت الاستناد إلى الوضع ، فذات الاطراد إنّما يدلّ على الحقيقة وإن كان وجه الاستعمال غير معلوم على نحو الحقيقة ، كما أنّ عدم الاطّراد في غير مورد يكشف عن عدم الوضع له ، وإلّا لزم تخلّف المعلول عن العلّة ؛ لأنّ الوضع علّة صحّة الاستعمال مطّردا ، وهذه العلامة علامة قطعيّة لو ثبت عدم اطّراد علائق المجاز كما هو المعروف والمشاهد في أكثر الموارد ، انتهى (١).
وحاصله : أنّ إطلاق لفظ باعتبار معنى على فرد مع القطع بعدم كون ذلك الفرد من حيث الفردية معنى حقيقيا ، إن كان مطّردا كشف عن كون المستعمل فيه من المعاني الحقيقية وإن لم يكن مطّردا كشف عن كون المستعمل فيه من المعاني المجازية. فمن باب المثال : إنّ إطلاق لفظ الأسد على كلّ فرد من أفراد (الحيوان المفترس) مع اليقين بعدم كون الفرد بخصوصه من المعاني الحقيقيّة لمّا كان مطّردا كشف ذلك عن كون الحيوان المفترس معنى حقيقيا له ، وإطلاقه باعتبار هذا المعنى على كلّ فرد من أفراد الشجاع لمّا لم يكن مطّردا فإنّه يصحّ إطلاقه باعتبار هذا المفهوم الكلّي على الإنسان وعلى جملة من الحيوانات كالفرس الشجاع والبقر الشجاع وأمثال ذلك ، ولكنّه لا يصحّ إطلاقه على النملة الشجاع مثلا ، كشف ذلك عن كونه من المعاني المجازية.
نعم ، إطلاق لفظ الشجاع باعتبار هذا المفهوم الكلّي على جميع أفراده حيث كان مطّردا كشف هذا عن كون ذلك الإطلاق حقيقيّا. هذا.
__________________
(١) نهاية الدراية للمحقّق الأصفهاني ١ : ٤٣.