كانت ثابتة مورد رغبة الكلّ من الموافق والمخالف ، وليس ببعيد أن يدّعى عدم الخلاف فيها بالنسبة إلى كلّ الأصحاب والصحابة ، بحيث لو فرض المخالف لمسألة الوضع في ثبوت الحقيقة الشرعيّة فهو فرض نادر كالمعدوم لا يعتنى به ولا يكون مضرّا بالنقل التواتري.
فصارت النتيجة أنّ الوضع التعييني في ثبوت الحقيقة الشرعيّة من قبل الشارع على النحو الذي تقدّم في وضع أسامي الأبناء من الآباء بالاتفاق مقطوع العدم بلا شكّ وريب ، وهذا القسم الأوّل من الوضع.
وأمّا القسم الثاني : وهو عبارة عن الوضع التعييني الآخر ، كما ذهب إليه المحقّق صاحب الكفاية قدسسره في المقام (١) ، بمعنى حصوله من ناحية كثرة استعمال الشارع هذه الألفاظ في تلك المعاني المحدثة ـ لو لم نقل بثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة ـ بحيث من ناحية كثرة استعمال الشارع هذه الألفاظ في هذه المعاني الشرعية ـ لا سيّما عند كونه في مقام البيان من التيمّم والطهارات والأغسال والعبادات والمعاملات الدارجة في ما بينهم في كلّ يوم مرّات كثيرة بالنسبة إلى كثرة ابتلاء المكلّفين بها في جميع أقطار البلاد العربيّة في كلّ يوم بالنسبة إلى كلّ مكلّف بأزيد من خمس مرّات ـ تحصّل الوضع بالنسبة إلى هذه الألفاظ لتلك المعاني الشرعيّة المقدّسة بالقطع واليقين كالشمس في الافق المبين في تمام أقسام العبادات ، فلا يذهب عليك أنّ ما أفاده قدسسره قابل للقبول والتصديق بلا ريب وترديد.
ولكن مع ذلك كلّه قد أنكره حدّا إلى حدّ الاستحالة شيخنا الاستاذ المحقّق النائيني قدسسره (٢) وذلك من ناحية عدم إمكان الجمع بين اللحاظين ، أحدهما بعنوان
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٦.
(٢) أجود التقريرات : ٣٣.