الاستعمال بمقصد تفهيم المقصود من الاستعمال ، والثاني بمقصد التسمية والجعل والاعتبار بعنوان تثبيت الوضع على نحو التعيّن في استعمال واحد ؛ إذ ذلك السنخ من الاستعمال من قبيل الجمع بين اللحاظ الآليّ والاستقلاليّ ؛ إذ اللفظ في الأوّل غير ملحوظ بالقطع واليقين ، لأنّه اخذ آليّا وفانيا في المعنى ، إذ اللفظ إنّما يكون قنطرة المعنى ، بحيث إنّه مندكّ في المعنى على نحو أنّ اللبّ في تحرير المقصود من التمسّك بالألفاظ ليس إلّا إراءة المعنى وتفهيمه للمخاطب ، بحيث لو لا ذلك الغرض الأقصى لم يتكلّم بذلك اللفظ أصلا وأبدا. بخلاف الثاني ، فإنّ المقصود الأصلي إنّما يكون متوجّها إلى ذات وضع اللفظ وتعيينه بعنوان الاسم للمعنى والمسمّى فقط ، ومن الواضح عدم إمكان الجمع بين هذين اللحاظين إلّا أن يكون اللاحظ أحول العينين.
وفيه : أنّ هذا الإشكال ليس له محلّ ومجال ، فضلا عن أن يكون بمرحلة الاستحالة ، لأنّ هذا السنخ من اللحاظ والاستعمال بلغ مراحل الوقوع والتحقّق فضلا عن التصوّر والإمكان ، وذلك نظير من يستعمل اللفظ في المعنى الذي وضع له بقصد التعليم وتفهيم اللغة العربية.
توضيح ذلك ، أنّ المتعلّم مع ما له من الاشتياق والاهتمام بتعلّم المعنى وفي نفس ذلك الحين يكون في حال لحاظ بأنّ هذا اللفظ موضوع واسم لذلك المفهوم والمعنى في المحاورة من اللغة العربية.
والتحقيق في ذلك أنّ الوضع بما له من المعاني المتقدّمة عند أهلها ، سواء كان بمعنى الالتزام والتعهّد النفساني الذي يكون هو المختار عندنا ، أو بمعنى اعتبار نفسانيّ على كلّ أنواعه وأنحائه ، في مرتبة متقدّمة على الاستعمال.
أمّا على الأوّل ، فلا ستر عليه ؛ إذ من البديهي أنّ التعهّد والتبنّي بذكر لفظ خاصّ عند إرادة تفهيم معنى خاصّ يكون من حيث الرتبة مقدّما على الاستعمال