الشرط الثاني ، غير داخلة في مسائل علم الاصول ؛ إذ على مسلك من ذهب إلى استحالة الاجتماع وخروجه عن حدّ الإمكان تصبح المسألة بلا ثمرة مترتّبة عليها في الشرع المقدّس سوى القطع بعدم فعليّة كلا الحكمين ، فعند ذلك فلا بدّ لنا من التماس ضمّ مسألة اخرى ، وهي عبارة عن إجراء قواعد باب التعارض التي يكون المقام من مصاديقها وصغرياتها عند من يقول بامتناع الاجتماع ، وذلك ليس من شئون المسائل الاصوليّة بمقتضى الشرط المتقدّم ذكره كما عرفت.
ولكنّ الإنصاف هذه الشبهة مندفعة ، إذ يكفي في كون المسألة اصوليّة وقوعها في طريق الاستخراج والاستنباط عند تعيين الوظيفة في مقام العمل والامتثال بأحد طرفيها ، وإن كانت لا تقع كذلك بالنسبة إلى طرفها الآخر. وذلك يكفينا في أخذ النتيجة ، إذ لو لم يكن ذلك كافيا في اتّصاف كون المسألة اصولية لخرجت جلّ مسائل هذا العلم عن كونها اصوليّة وعن تعريف علم الاصول ، بمقتضى لزوم اعتبار الشرط المتقدّم. منها : مسألة حجّية خبر الواحد ، فإنّه على القول بعدم الحجّية لا ثمر له ليترتّب عليها أثر في الشرع المقدّس أصلا وأبدا. ومنها : مسألة حجّية ظواهر الكتاب عند من يقول بعدم حجّيتها ، إلى غيرها من أمثال تلك المسائل.
وبالجملة ، قد انقدح أنّ الملاك في كون المسألة اصوليّة منحصر في وقوعها في طريق الاستنباط في حدّ ذاتها ، وإن كان باعتبار أحد طرفيها في قبال ما ليس له ذلك الشأن.
وهذه الخصوصيّة والخاصّة نظير بقيّة مسائل العلوم ملازمة لاعتبار الاعتبار ، ولكنّ الإنصاف أنّ الشبهة مندفعة ، إذ المسألة هنا واجدة للملاك ، لترتّب الأثر الشرعي عليها عند من يقول بالجواز ، وهو عبارة عن صحّة العبادة. نعم ، لا ثمرة