الأوّل يكون الأصل في استعمالات الشارع الاستعمال في الصحيح إلّا مع القرينة على الخلاف ، وعلى العكس في الثاني.
بل النزاع يجري حتّى على القول بأنّ هذه الألفاظ استعملت في لسان الشارع في معانيها اللغويّة ، ولكنّه أراد المعاني الشرعية من جهة نصب قرينة تدلّ على ذلك بنحو تعدّد الدالّ والمدلول ، كما نسب هذا القول إلى الباقلاني (١).
والوجه في ذلك هو أن يقع النزاع في أنّ الشارع عند إرادته المعاني الشرعيّة بالقرينة هل نصب القرينة العامّة على إرادة المعاني الصحيحة ، حتّى يحتاج الأعمّ إلى قرينة خاصّة ، أو أنّه نصبها على إرادة الأعمّ ، فإرادة الصحيحة تحتاج إلى قرينة خاصّة ؟
الجهة الثانية : أنّه لا شكّ في أنّ الصحيح عبارة عن تحقّق المأمور به في الخارج تامّ الأجزاء والشرائط ، كما أنّ الفاسد يكون على عكس ذلك الصحيح يعني غير تامّ من حيث الشرائط والأجزاء ؛ إذ الظاهر أنّ المتبادر من كلمة الصحيح والصحّة عند الاستعمال ليس إلّا التامّ من الامور والأشياء من حيث الشرائط والأجزاء التي يعبّر عنها في اللسان الفارسي ب (درست) و (درستى) وهي معناها لغة وعرف.
فعلى هذا ظهر أنّ تفسير الفقهاء الصحّة بمعنى إسقاط القضاء والإعادة ، والمتكلّمين بمعنى موافقة الشريعة ، فكلاهما من باب التعبير باللازم ، فإتيان الصلاة مثلا إذا كان تامّ الأجزاء والشرائط فلا محالة تكون موافقة للشريعة ومسقطة للإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، وليس شيء منهما معنى
__________________
(١) قوانين الاصول : ٣٨ ، في حاشية منه.