كما تبيّن أنّ الصحّة والفساد أمران إضافيان يختلفان باختلاف حالات المكلّفين ، مثلا الصلاة قصرا صحيحة مقبولة من المسافر وفاسدة من الحاضر. كما أنّها إذا وقعت إلى ما بين المشرق والمغرب صحيحة لمن لم يتمكّن من تشخيص القبلة ، وباطلة غير صحيحة للمتمكّن من ذلك التشخيص ، وهكذا بالنسبة إلى الحالات الاخرى المذكورة في الفقه.
فتحصّل أنّ الصحّة التي هي داخلة في المسمّى على أحد القولين في المسألة ـ من حيث الأجزاء والشرائط والقيود فيه مع قطع النظر عن أيّ أثر يترتّب عليها ـ في مرتبة سابقة على ترتّب الآثار.
ومن جميع ما ذكرناه في المقام ظهر أنّ الصحّة الفعليّة ـ التي هي منتزعة من انطباق المأمور به على المأتي به خارجا ـ خارجة عن محلّ الكلام بلا خفاء فيه ولا كلام ؛ إذ من البديهي أنّها تكون في مرتبة متأخّرة عن الأمر ، فكيف يتصوّر أخذها في المسمّى وفي متعلّق الأمر ، ومن الواضحات أنّ المراد من الوضع للصحيح أو الأعمّ الوضع لما هو واقع في حيّز الأمر.
وعلى ذلك فلا وجه للترديد والقول بأنّ الصحّة والفساد المبحوث عنهما في هذه المسألة ، هل هي بمعنى التماميّة وعدمها من حيث موافقة الأمر ، أو من حيث إسقاط القضاء والإعادة ، أو من حيث استجماع الأجزاء والقيود والشرائط ، أو من حيث ترتّب الأثر وعدمه ، أو أمثال ذلك ؟ فإنّك قد عرفت أنّ المبحوث عنه لا يمكن أن يكون إلّا التمامية وعدمها بالإضافة إلى الأجزاء والشرائط ، وأمّا بقية الحيثيات فهي أجنبيّة عن معنى كلمة الصحّة بمعنى التماميّة بالكلّية والذات ، بل هي من الآثار واللوازم المترتّبة عليها في مرتبة متأخّرة ، فلا وجه لإطالة البحث والكلام في ذلك كما عن شيخنا المحقّق قدسسره.