البديهي بالضرورة من الوجدان أنّ الوضع بإزاء المتقدّم والمتأخّر رتبة ، بل المتقدّم زمانا من الامور السهلة السمحة الواضحة ، بل من الواضحات الأوّلية كما هو المشاهد الواقع في الشرعيّات والعرفيات فضلا عن الإمكان والثبوت من دون خفاء وإشكال ، فالتأخّر في مقام العلّية لا يوجب التأخّر في التسمية التي تكون من الامور الاعتبارية ، لأنّ أحد المقامين أجنبي عن المقام الآخر بالكلّية.
كما لا إشكال أيضا في أنّ كلّ ما لم يؤخذ في المأمور به جزءا أو شرطا فهو غير داخل فيه بل خارج عن المسمّى بالقطع واليقين وإن كان له دخل في الصحّة ، وذلك نظير قصد القربة والأمر وقصد الطاعة وهكذا ، كما تقدّم عدم كون العبادة مزاحمة لواجب آخر كمزاحمة الصلاة مع الواجب الفوري كإزالة النجاسة عن المسجد ، لسقوط أمره عند ذلك ، وهكذا عدم كونه منها عنه كالمثال المتقدّم في الأمر بالشيء الذي يقتضي النهي عن ضدّه العبادي ، وهذا تمام.
ولكن لا من الناحية التي ذهب إليها شيخنا الاستاذ قدسسره من استحالة أخذ هذه الامور بتمامها في المسمّى ، لأنّه أفاد في وجهها بما يكون محصّله عبارة عن أنّ الصحّة من جهة عدم المزاحم وعدم النهي ومن ناحية قصد القربة والطاعة في المرتبة المتأخّرة عن المسمّى وفرع وجوده وتحقّقه ، ليمكن أن يتعلّق بها النهي أو يوجد لها مزاحم ، أو يقصد بإتيانها التقرّب. وعليه فكيف يعقل اعتبارها في الموضوع له والمسمّى وأخذها واعتبارها فيه عند الوضع ، فيكون من قبيل أخذ ما هو متأخّر رتبة في المتقدّم كذلك ، مع أنّه لا ينبغي الشكّ في بطلانه ، لأنّه أمر غير معقول عند أهل الدراية والاصول.
ولأنّه مردود ، إذ وضع لفظ بإزاء شيئين طوليين رتبة ، بل زمانا ـ كما تقدّم آنفا ـ بمكان من الإمكان من دون أن يكون فيه أيّ إشكال ومحذور أبدا وأصلا بوجه من الوجوه ، ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّ مجرّد كون قصد الطاعة والقربة