كلّ ذلك بالنسبة إلى الصلاة المستحبّة والنوافل وصلاة حضرة جعفر وحضرة سلمان. كما تختلف كلّ تلك الأفراد المذكورة في حال الاختيار والصحّة مع حال المرض والاضطرار بما لها من المراحل المنتهية إليها من حيث القيام والقعود والإشارة والإيماء من المراتب والدرجات المتكثّرة غير المتناهية.
فانقدح بهذا التقريب أنّه ليس أوّل درجة من هذه الأفراد الصحيحة تحت ميزان مشخّص وضابط معيّن حتّى نلتزم بأنّ الموضوع له في ألفاظ العبادات وأسمائها متعيّن في تلك المرتبة ، ويكون إطلاقها واستعمالها في غير ذلك المقام بالتنزيل والعناية أو الاشتراك في الأثر ، بخلاف مركّبات الأدوية والأغذية والمعاجين وأمثالها ، فإنّ أوّل مرتبة منها مشخّص مضبوط فيكون استعمالها في غيره بالتنزيل والعناية أو الاشتراك في الأثر بلا إشكال.
وبالجملة فمع الإغماض عما أجبنا به عن الأمر الأوّل يرد عليه أنّ هناك فرق بين المركّبات الشرعية وغيرها ، وذلك أنّ للمراتب العليا من المركّبات غير الشرعية حدودا خاصّة وأجزاء معيّنة لا تطرأ عليها الاختلافات بالزيادة والنقيصة وتنعدم بفقدان واحد منها ، كما إذا فرض أنّها ذات أجزاء ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة ، أو أقلّ ، أو أزيد على اختلافها باختلاف المركّبات ، فحينئذ يمكن دعوى أنّ اللفظ موضوع لخصوص المراتب العليا منها ، وإطلاقه على بقيّة المراتب من باب التنزيل والادّعاء ، أو من باب الاشتراك في الأثر.
وهذا بخلاف العبادات ، فإنّ المراتب العليا منها ليست لها أجزاء خاصّة بحيث لا تختلف زيادة ونقيصة ، فإنّها في حدّ ذاتها مختلفة ومتشتّتة من ناحية الكمّية أو الكيفيّة ، مثلا المرتبة العليا من صلاة الغداة والصبح غير المرتبة العليا من صلاة الظهرين ، وكلتاهما غير المرتبة العليا من صلاة المغرب ، وكلّ ذلك غير المرتبة العليا من صلاة العشاء بحسب الكمّية أو الكيفية ، وهي بأجمعها غير المرتبة العليا