المورد عبارة عن تماميّة معنى ومفهوم الشيء في حدّ نفسه وذاته ، يعني التمامية بلحاظ التحقّق في الخارج عند الامتثال من حيث الأجزاء والشرائط. وقد مضى أنّ الصحّة من جهة قصد القربة ـ أو من جهة عدم الابتلاء بالمزاحم أو من ناحية عدم النهي ـ خارجة عن محلّ البحث والنزاع وغير داخلة في الموضوع له والمسمّى ؛ إذ من الواضح أنّها تكون في مرتبة متقدّمة قد يوجد لها مزاحم وقد يقصد به التقرّب وقد ينهى عنه.
ولكنّ الإنصاف بالنظر إلى واقع النفس مع ذلك كلّه أنّ لهذه الامور دخل في اتّصاف المأمور به بالصحّة بالقطع واليقين بلا ترديد في البين ، كما أنّها دخيلة في فعليّة الأثر عند أهل النظر. فلو كان للصلاة مثلا مزاحم واجب ، أو أنّها تعلّق بها النهي ، أو أتى بها المكلّف من دون قصد القربة ، لم يترتّب عليها الأثر من حيث الصحّة. وعليه فما يترتّب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ يقينا ، وما وضع له اللفظ ليس إلّا ما يكون مقتضيا وقابلا لترتّب الأثر عليه ، وهذا كما يمكن صدقه على الأفراد الصحيحة يمكن صدقه على الأفراد الفاسدة ، لأنّها أيضا قد تقع صحيحة بالإضافة إلى شخص أو زمان أو حالة لا محالة.
وعلى الجملة ، فإنّ ما يترتّب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ قطعا ، وما يترتّب عليه الأثر بالاقتضاء جامع بين الأفراد الصحيحة وغير الصحيحة من الفاسدة جميعا.
وقد تلخّص من ذلك كلّه أنّ ترتّب النهي عن الفحشاء والمنكر على الصلوات الصحيحة بالفعل لا يفي بإثبات القول بوضع الألفاظ للجامع بين الأفراد الصحيحة بخصوصها ، فإنّه سواء قلنا بذلك القول أم لم نقل فترتّبه متوقّف على اعتبار شيء زائد على المسمّى لا محالة.
السادسة : لا يخفى عليك أنّ الجامع لا بدّ من أن يكون أمرا عرفيا ، وما ذكره