من الجامع على تقدير تسليم وجوده ، والإغماض عن جميع ما تكلّمنا به في وجه عدم إمكانه ووجوده ، لا يكون معنى عرفيا مأنوسا لعامّة المكلّفين حتّى يمكن إفهامه لهم ، إذ عرفان هذه المعاني والمفاهيم التي وضعت لها هذه الألفاظ ليس مختصّا بجماعة خاصّة من الفقهاء والمجتهدين المتبحّرين في الحكمة والفلسفة ، نظير المحقّق صاحب الكفاية ليكون في سعة من الانس والعرفان والاطّلاع على مثل تصوير ذلك الجامع المكشوف بالأثر عمّا يترتّب على هذه المعاني ، بل المكلّفون هم عامّة الناس من أهل عرف العرب والعجم في شعاع ملّة الإسلام الذين لا بدّ لهم من الوقوف على الأوضاع والمفاهيم بالسهولة والانس ، ولا يمكن ذلك إلّا إذا كان ذلك سهل التناول لهم كسائر المفاهيم العرفية بخلاف مثل الجامع.
وما ذكره من الجامع على فرض تسليم وجوده ومع صرف النظر عن جميع ما تقدّم من إقامة الدليل على عدم إمكانه وتعقّله لا يكون معنى عرفيا مأنوسا عند العرف ، حتّى يمكننا أن نقول : إنّ ذلك عبارة عن مسمّى الصلاة ، وإنّ لفظ الصلاة موضوع لذلك المسمّى ، وهو مورد الخطابات التكليفية ، ضرورة أنّ اللفظ لا يوضع لمعنى خارج عن المتفاهم العرفي ، ولا يكون مثله متعلّقا للخطاب الشرعي ، فإنّ الخطابات الشرعية كلّها منزّلة على طبق المفاهيم العرفيّة ، فلو فرض معنى يكون خارجا عن المتفاهم العرفي لم يقع موردا للخطاب الشرعي أو العرفي ، ولا يوضع اللفظ بإزائه. وحيث إنّ الجامع في مقامنا هذا ليس أمرا عرفيا فلا يكون مسمّى بلفظ الصلاة مثلا ؛ إذ من البديهي بالضرورة من الوجدان أنّ محلّ النزاع ليس في تصوير الجامع كيف ما كان ، بل في تصوير جامع مأنوس سهل التناول العرفي يمكن أن يكون متعلّقا للخطاب والأمر والامتثال بالنسبة إلى عامّة المكلّفين باليسر والسهولة ، لا في جامع عقلي فلسفي بسيط يكون