وعلى هذا البيان فإنّه رحمهالله تعالى إن أراد اشتراك تلك المقولات في مفهوم الوجود فهو لا يختصّ بالصلاة بل يعمّ كلّ الأشياء. وإن فرض به اشتراكها في حقيقة الوجود فالأمر أيضا كما تقدّم. وإن تصوّر أنّ لتلك المقولات وحدها مرتبة خاصّة من الوجود ، ففيه أنّه خارج عن التعقّل كما تقدّم ، وقد قام البرهان في محلّه بأنّ الاتحاد الحقيقي في الوجود بين الأمرين المتباينين أو الامور المتحصّلة من المستحيلات الواضحة ولو اعتبر الوحدة بينهما أو بينها بأزيد من ألف مرّة. وعلى كلّ حال فلا نتعقّل لذلك المعنى الذي أفاده قدسسره معنى صحيحا من الأصل والأساس ، كما لا يخفى ، هذا أوّلا.
وثانيا : لو سلّمنا ذلك فلا يخفى عليك أنّ (الصلاة) ليست عبارة عن تلك المرتبة الخاصّة الوجودية ؛ إذ كلّ من له وجدان يجد بالضرورة أنّ المتفاهم والمتعارف من استعمال لفظ (الصلاة) عند عرف المتشرّعة ليس هذه المرتبة المشتركة ، بل إنّها عبارة عن نفس تلك المقولات في وعاء الخارج والأجزاء والشرائط فقط ، بل إنّ هذا المطلب في حدّ ذاته بمكان من الوضوح لا يحتاج إلى تأمّل وبيان.
هذا مع أنّا قد بيّنا في ما تقدّم أنّ الألفاظ غير موضوعة للموجودات الخارجية ، بل موضوعة للماهيّات القابلة لأن تختلج في الأذهان عند الاستعمال. وعليه فلا يعقل أن يوضع لفظ (الصلاة) لتلك المرتبة الخاصّة من الوجود ، فإنّها غير قابلة لأن تحضر في الذهن.
وقد بقي الكلام بالنسبة إلى ما أفاده شيخنا المحقّق قدسسره في المقام بيانا ثالثا في توضيح تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة ، وأنّه ذكر في مقام البيان : «والتحقيق أنّ سنخ المعاني والماهيّات ، وسنخ الوجود العيني الذي هو حيثية ذاته حيثيّة طرد العدم في مسألة السعة والإطلاق متعاكسان ، فإن كان سعة سنخ