الماهيّات من جهة الضعف والإبهام في المعنى أكثر كان الإطلاق والشمول أوفر ، وكلّما كان الوجود أشدّ وأقوى كان الإطلاق والسعة أعظم وأشمل وأتمّ. فإن كانت الماهيّة من الماهيّات الحقيقية كان ضعفها وإبهامها بلحاظ الطوارئ وعوارض ذاتها مع حفظ نفسه ، كالإنسان من باب المثال ، فإنّه لا إبهام فيه من حيث الجنس والفصل المقوّمين لحقيقته ، وإنّما الإبهام فيه من حيث الشكل وشدّة القوى وضعفها ، وعوارض النفس ، والبدن ، حتّى عوارضها اللازمة لها ماهية ووجودا. وإن كانت الماهيّة من الامور المؤتلفة المتركّبة من عدّة امور بحيث تزيد وتنقص من حيث الكمّ والكيف ، فبمقتضى الوضع لها بحيث يعمّها مع تفرّقها وشتاتها أن تلاحظ على نحو مبهم في غاية الإبهام بمعرفيّة بعض العناوين الغير المنفكّة عنها.
فكما أنّ الخمر من باب المثال مائع مبهم من حيث اتّخاذه من العنب والتمر وغيرهما ، ومن حيث اللون والطعم والريح ، ومن حيث مرتبة الإسكار ، ولأجل ذلك لا يمكن وصفه إلّا لمائع خاصّ بمعرّفية المسكريّة من دون تصوّر الخصوصية ولحاظها تفصيلا ، بحيث لو أراد المتصوّر تصوّره لم يوجد في ذهنه إلّا مصداق مائع مبهم من جميع الجهات إلّا حيثيّة المائعيّة بمعرفيّة المسكريّة. كذلك لفظ (الصلاة) مع أنّ هذا الاختلاف الشديد بين مراتبها كمّا وكيفا لا بدّ من أن يوضع لسنخ عمل معرّفه النهي عن الفحشاء ، أو غيره من المعرّفات ، بل العرف لا ينتقلون من سماع لفظ (الصلاة) إلّا سنخ عمل خاصّ مبهم إلّا من حيث كونه مطلوبا في الأوقات الخاصّة. ولا دخل لما ذكرناه بالنكرة ، فإنّه لم تؤخذ فيه الخصوصيّة البدليّة كما اخذت فيها.
وبالجملة ، الإبهام غير الترديد وهذا الذي تصوّرناه في ما وضع له الصلاة بتمام مراتبها من دون الالتزام بجامع ذاتي مقولي ، وجامع عنواني ، ومن دون الاشتراك