وذلك بتقريب أنّ الشارع جعل الركوع والسجود بعرضها العريض ركنا ، فهما يختلفان باختلاف الحالات من الاختيار والاضطرار ، وأدنى مراتبهما الإشارة والإيماء ، فحينئذ لا بدّ من تصوير جامع بين تلك المراتب ليوضع اللفظ بإزاء ذلك الجامع ، فإذن يعود الإشكال. ومن جميع ما ذكرناه ينقدح أنّ ما أفاده قدسسره لا يرجع عند التفكّر والتعقّل إلى مفهوم متصوّر ، هذا.
وبالجملة ، فقد أورد صاحب الكفاية قدسسره على المحقّق القمّي قدسسره إيرادا ثالثا لا بدّ من التعرّض له ليتّضح الحال ، وكيف كان ، فإنّه قال : إنّا نقطع بأنّ لفظ الصلاة لم يوضع بإزاء الأركان منحصرا فقط ، إذ من الضروري الواضح أنّها تصدق على الفرد الفاقد لبعض الأركان إذا كان ذلك الفرد واجدا لبقيّة الأجزاء والشرائط ، ولا تصدق على الفرد الواجد لجميع الأركان إذا كان ذلك الفرد فاقدا لتمام البقيّة ، فلا يصحّ إذا دعوى وضعها لجميع الأركان ، فإنّه لا يدور صدق الصلاة مدارها وجودا وعدما كما هو واضح لا يخفى (١).
هذا تمام الكلام في ما اورد على المحقّق القمّي.
ولكنّ الإنصاف بالنظر الصحيح صحّة ما أفاده المحقّق القمّي قدسسره من دون أن يرد عليه شيء من هذه الإيرادات المتقدّمة ، وذلك من جهة أنّهما خلطا بين المركّبات الواقعية والمركّبات الاعتبارية في الإيراد الأوّل ؛ إذ من المعلوم أنّ الماهيّات الاعتبارية تباين الماهيّات الواقعيّة في الوجود والعدم ؛ إذ الماهيّات الواقعية يدور أمرها بين الوجود والعدم ، ومن الواضحات الأوّلية أنّ أيّ ماهية من الماهيات الواقعية إذا لاحظتها إمّا أن تكون موجودة في الخارج ، وإمّا أن تكون معدومة ، بخلاف الماهيّات الاعتبارية ، فإنّها في مرحلة الاعتبار يكون
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠.