الحاجة ، فمن البديهي أنّه على ذلك فكما أنّ الأعميّ يتمسّك بالإطلاق فيما إذا احتمل دخل المشكوك في المأمور به زائدا على المقدار المتيقّن ، فكذلك الصحيحي يتمسّك به إذا شكّ في الاعتبار بالنسبة إلى أمر زائد على المقدار المعلوم المسلّم ، ولأجل ذلك فإنّ الفقهاء يتمسّكون بإطلاق صحيحة حمّاد (١) حيث إنّ حال الإمام عليهالسلام في تلك الصحيحة حال البيان في وقت الحاجة ، لأنّه شرع في توضيح كيفيّة حال الصلاة لحمّاد بالمباشرة فيها بالقيام والنيّة والتكبيرة والقراءة والركوع والسجود والتشهّد والسلام ، فبعد ما أحرز حمّاد أنّ حاله عليهالسلام حال البيان ولم ينصب القرينة على جزئيّة المشكوك وشرطيّته ودخالته في المأمور به فلا محالة يحرز عدم دخله من دون فرق في ذلك بين القول بالوضع للصحيح والقول بالوضع للأعمّ.
فالمتلخّص أنّ العبرة إنّما هي بكون المتكلّم في مقام البيان وعدم إتيان القرينة في كلامه على دخل المشكوك في مقصوده من الحكم ، لا بكون الوضع لخصوص الأعمّ أو الصحيح دون الأعمّ كما هو الظاهر ، هذا تمام الكلام بالنسبة إلى الإيراد الأوّل.
وفيه أنّ الجواب عن هذا الإيراد قد انقدح عمّا تقدّم ، وإجماله عبارة عن أنّ التمسّك بالإطلاق موقوف على إحراز المقدّمات الثلاث ، منها إحراز تعلّق الحكم بالجامع من ناحية المراد الاستعمالي وقابلية انقسامه إلى قسمين أو أقسام. فهذه المقدّمة لا بدّ من إثباتها وإحرازها ، وإلّا فلا يعقل الإطلاق في مقام الثبوت كي يستكشف ذلك بالإطلاق في مقام الإثبات ، وحيث إنّه على القول الصحيح قد تعلّق الحكم بحصّة خاصّة وهي خصوص الحصّة الصحيحة
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ : ٤٥٩ ـ ٤٦٠ ، الباب الأوّل من أبواب أفعال الصلاة ، الحديث الأوّل.