فالمقدّمة الاولى معدومة ، فالإطلاق اللفظي على القول بالصحيح غير معقول.
وأمّا الاستشهاد على ذلك بتمسّك الفقهاء بإطلاق صحيحة حمّاد المتقدّمة فهو خلط بين الإطلاق الحالي والإطلاق اللفظي ، فإنّ إطلاق الصحيحة إطلاق مقامي ، وهو أجنبيّ عن الوضع والإطلاق اللفظي الدلالي الذي يتقوّم بإحراز صدق المفهوم بعنوان الوضع على المورد المشكوك فيه. والإطلاق الذي لا يمكن التمسّك به عند الصحيحي عبارة عن إطلاق اللفظي دون إطلاق المقامي ، فإنّ التمسّك به أي بالإطلاق المقامي مشترك فيه بين الصحيحي والأعمّي ، بلا فرق بين المسلكين.
والوجه في ذلك أنّ المعتبر في الإطلاق اللفظي أن يكون مصبّ الحكم في القضيّة هو الطبيعي الجامع القابل للانطباق على حصص عديدة ، ولا أقلّ من حصّتين ، وإذا ثبت ذلك أوّلا تصل النوبة إلى إحراز بقيّة المقدّمات من كون المتكلّم في مقام البيان ، وعدم تعرّضه لنصب القرينة على إرادة الخلاف. ولأجل هذه الجهة لا مجال لقائل بوضع الألفاظ لخصوص الصحيح أن يتمسّك بالإطلاق ، وذلك من جهة الشكّ في صدق المفهوم على الفاقد لما يحتمل دخله في المسمّى.
بخلاف الإطلاق الأحوالي فإنّه لا يعتبر فيه ذلك الشرط ، بل المعتبر فيه سكوت المتكلّم عن البيان حين إيراد الحكم على نفس الأجزاء والشرائط أو الأفراد.
فمن باب المثال إذا كان المولى في مقام بيان ما يحتاجه اليوم من اللحم والخبز والأرز ، واللبن ، والحليب ، والزبد ، وغيرها من اللوازم ، فأمر عبده بالدخول في السوق لشرائها ولم يذكر الدهن مثلا فيما فرض أنّه كان في مقام البيان ولم يذكر ذلك ، فيستكشف منه عدم إرادته له ، وإلّا لأظهره وأبانه.