وبهذا البيان انقدح لك أنّ المكلّف هنا لا يحتاج في مثل هذا الشكل من الإطلاق إلى وجود لفظ مطلق في القضيّة ، بل هو مناقض له كما عرفت آنفا ، والإطلاق في الصحيحة يكون من هذا القبيل ، فإنّه سلام الله عليه كان في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، فبتركه وعدم بيانه يستكشف عدم دخله في المقصود من المأمور به.
وبالنتيجة فإنّ أحد الإطلاقين أجنبي عن الإطلاق الآخر من الأصل والأساس ، وجواز التمسّك بأحدهما غير ملازم لجواز التمسّك بالآخر ، كما أنّه لا فرق في جواز التمسّك بالإطلاق الأحوالي بين القول بالوضع للصحيح ، والقول بالوضع للأعمّ. فما أورده المستشكل من الإشكال لا محصّل له في اللبّ والمعنى.
الثاني : أنّ الأعمّي يكون في رديف الصحيحي من حيث عدم جواز التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في اعتبار جزء أو قيد في المأمور به ، وذلك من جهة أنّ أدلّة العبادات جميعا بتمامها من الكتاب والسنّة مجملة ، لعدم ورود شيء منها في مقام البيان ، لكون المتكلّم بها فيها في مقام الإهمال والإجمال ، فلا يجوز التمسّك بإطلاقها من هذه الناحية ، لعدم تماميّة إطلاقها مع هذا الاحتمال.
غاية ما في الباب أنّ عدم جواز التمسّك على هذا القول من ناحية واحدة ، وهي عدم ورود مطلقات العبادات في مقام البيان ، لأنّ جميعها واردة بلحاظ التشريع ومقام التشريع والجعل ، من دون أيّ توجّه ونظر لها إلى خصوصيّتها من حيث الكمّية والكيفيّة.
والصحيحي ليس له التمسّك بالإطلاق من ناحيتين ، إحداهما عدم ورود المطلقات في مقام البيان ، وثانيتهما عدم تعلّق الجامع والمقسم. فصارت النتيجة هي عدم جواز التمسّك بالإطلاق على كلا القولين.