فكما لا إشكال ولا مانع من التمسّك بإطلاقهما في باب البيع وسائر المعاملات عند الشكّ في اعتبار شيء فيها ، فكذلك لا مانع ولا إشكال من التمسّك بإطلاق هذه الآية الكريمة المباركة في باب الصوم والحجّ والزكاة والصدقات عند الشكّ في دخل شيء في صحّتها شرعا ، هذا.
مضافا إلى ما في السنّة من الروايات والأحاديث المطلقة الواردة في مقام البيان كقوله عليهالسلام في التشهّد : (يتشهد) (١) ، فإنّ مقتضى إطلاقه عدم اشتراط أمر زائد على نفس ذات الشهادتين ، فلو عرض الشكّ في اعتبار التوالي بينهما فيدفع بالإطلاق ، وكذا غيره من الأحاديث ونصوص الباب ، فلاحظ وتأمّل فيها حتّى تتبيّن لك حقيقة الحال.
هذا كلّه على تقدير تسليم أن يكون الضابط في كون المسألة اصوليّة ترتّب ثمرة الفعليّة عليها ، ولكنّ الحقّ أنّ الأمر ليس كذلك ، فإنّ الضابط للمسألة الاصوليّة إمكان وقوعها في طريق قياس الاستنباط لا فعليّة وقوعها.
وبالجملة ، فإنّ ملخّص ما ذكرناه في المقام عن جواب هذا الإيراد أمران :
الأوّل : أنّ المطلق الوارد في مقام البيان من الكتاب والسنّة موجود ، وليس الأمر كما توهّمه هذا القائل.
الثاني : مع التنزّل عن ذلك وتسليم أنّ الحاكم والمتكلّم لم يكن في مقام البيان في تلك المطلقات الواردة في العبادات من الكتاب والسنّة ؛ إلّا أنّ إمكان ترتّب هذه الثمرة بها الغنى والكفاية في كون هذه المسألة من المسائل الاصوليّة ؛ إذ قد عرفت من أنّ المعيار فيها إمكان وقوعها في طريق استنباط حكم شرعي كلّي ، لا فعليّة ذلك كما تقدّم.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٤٠٦ ، الباب ٨ من أبواب التشهّد ، الحديث ١.