والمقدّمات التمهيدية.
على أنّ وجوب الوفاء بالنذر تابع لمقصود الناذر من النذر من حيث الكميّة والكيفيّة من الصحيحة والأعمّ منها ، وهذه الثمرة أجنبيّة عن مسألة وضع ألفاظ العبادات لخصوص الصحيحة منها أو الأعمّ ؛ إذ لو قصد الناذر من كلمة المصلّي من أتى بالصلاة الصحيحة فقد خالف نذره إذا أعطى الدينار لمن صلّى صلاة فاسدة. وإن قلنا بوضع ألفاظ العبادات للأعمّ وكان قصده من النذر مطلق الآتي بالصلاة ، وإن كانت باطلة برأت ذمّته بتلك الصلاة إلّا عند من يشترط الرجحان في متعلّق النذر ، لأنّ مصبّ النذر لو كانت الصلاة الفاسدة فلا مصلحة ولا رجحان في متعلّقه لأن يكون واجب الوفاء.
على أنّ الصحّة التي تكون محلّ الكلام في دخلها في المفهوم والمسمّى غير الصحّة المعتبرة في مرحلة الإتيان والامتثال ، فيمكن أن يكون المأتي به صحيحا من جهة وجدانه تمام الأجزاء والشرائط ، وفاسدا من الجهات الأخر ، وعلى ذلك التقريب ربما تحصل براءة الذمّة بالإعطاء لمن يصلّي الفاسدة أيضا.
بقي هنا شيء قد ذكرناه في الدورة السابقة ثمرة لهذا المسألة غير ما ذكره الاصوليون ، وهي أنّ الحكم الوارد على عنوان (الصلاة) ومفهومها يختلف باختلاف القولين ، مثلا قد ورد النهي عن (صلاة) الرجل وبحذائه امرأة مصلّية (١) ، فعلى القول بالصحيح لو علمنا بفساد صلاة المرأة لا تكون صلاة الرجل منهيّا عنها ، لعدم صدق الصلاة على ما أتت المرأة به ، فلا يصدق حينئذ أنّه صلّى وبحذائه امرأة تصلّي ، بخلاف القول بالأعمّ ، فإنّها أي صلاة الرجل تكون منهيّا عنها.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ : ١٢٤ ، الباب ٥ من أبواب مكان المصلّي ، الحديث ٣ و ٤.