المتيقّن ممّا علمت سببيّته من قبل الشارع بأزيد ممّا يراه العرف من صدق العرفي ، فنتمسّك في رفع الزائد عن المتيقّن بالإطلاق ؛ لأنّ الشارع بما أنّه كان في مقام البيان والتصديق في الدخل وعدم الدخل في صحّة المعاملة من القيود والشروط فلم يبيّن بأزيد ممّا بيّن ، فنتمسّك في دفعه بالإطلاق.
بخلاف القول بأنّها موضوعة للمسبّبات فإنّه عند ذلك لا يجوز التمسّك بالإطلاق ، لأنّه يكون من قبيل الشكّ في المحصّل ، لدوران أمر المسبّب عند حدوث ذلك الشكّ بالنسبة إلى قيديّة السبب بين الوجود والعدم ، لا بين الصحّة والفساد بعد صدق العنوان ، بل فرض الصحّة والفساد عند ذلك الاحتمال أمر غير مقبول.
والحاصل فقد انتهى كلامنا إلى بيان إيراد أنّ التمسّك بحديث الإطلاق في المعاملات مطلقا إنّما يكون في محلّه لو قلنا : إنّ المعاملات إنّما تكون موضوعة للأسباب لا المسبّبات ، فإنّه عند ذلك يوجد مجال للتمسّك بإطلاق الآية الكريمة : (أَحَلَّ اللهُ) أو (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) وأمثالهما لإثبات إمضاء وتصديق كلّ سبب عرفي إلّا ما منع الشارع منه.
وأمّا إذا كانت المعاملات أسامي موضوعة لخصوص المسبّبات فالأمر والتصديق الشرعي الناظر إليها لا يرشد إلى إمضاء أسبابها ، لعدم الملازمة بين إمضاء المسبّب ، وهو تبديل طرفي الملك والمبادلة في البيع وما شاكلها ، وإمضاء السبب ، وهو المعاطاة أو الصيغة الفارسيّة من باب المثال ، ومن الواضح أنّ أدلّة الإمضاء والتصديق جميعا من الآيات والروايات مسوقة إلى إمضاء المسبّبات ، وليست بناظرة إلى إمضاء الأسباب أصلا وأبدا.
إذ من البديهي أنّ الحلّية في كلامه تبارك وتعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ثابتة لنفس المبادلة والملكيّة في مقابل تحريمها ، ولا محصّل ولا معنى لحلّية نفس