يباين الآخر لا محالة وإن كان الجميع صادرا من شخص واحد ، فضلا عمّا إذا صدر عن أشخاص متعدّدين ، كما إذا باع زيد فرسه بالصيغة العربيّة ، وباع عمرو داره بالصيغة الفارسيّة ، وباع ثالث كتابه بالمعاطاة ، وهكذا ، حيث لا شبهة في أنّ الاعتبار القائم بزيد المبرز في الخارج بالصيغة العربيّة يباين كلّا من الآخرين ، وهكذا كلّ واحد منها بالإضافة إلى الآخر.
وعلى ذلك فإذا فرضنا أنّ الشارع أمضى الاعتبار المبرز في الخارج باللغة الفارسية أو بالمعاطاة ، فلا جرم أمضى المعاطاة أو الصيغة الفارسية التي يعبّر عنها بالسبب ، وإلّا لكان إمضاؤه بدون إمضائها لغوا محضا ، بداهة أنّه لا معنى لأن يمضي الشارع الملكية المبرزة بالمعاطاة ولا يمضي نفس المعاطاة ، ويمضي الملكيّة المظهرة بالعقد الفارسي ولا يمضي نفس هذا العقد وهكذا ، فإنّ معنى عدم إمضاء الشارع هذا لسبب عدم حصول الملكيّة به خارجا ، وهذا مناقض لحصولها به وإمضاء الشارع إيّاها كما لا يخفى.
وأمّا بناء على أن يكون المسبّب عبارة عن الوجود الإنشائي الحاصل بالتلفّظ بصيغ العقود كصيغة (بعت) و (أنكحت) و (أجبرت) وأمثالها يتحقّق المسبّب خارجا ، فلو قال زيد ـ مثلا ـ : بعت داري ، ثمّ قال : بعت بستاني ، ثمّ قال : بعت فرسي ، وهكذا ، يتحقّق بكلّ واحد من هذه الصيغ والأسباب الوجود الإنشائي الذي يعبّر عنه بالمسبّب على مسلك القوم ، فكما أنّ لكلّ صيغة وجودا ، فكذلك لكلّ منشأ وجودا إنشائيا بوجود سببه ، فلا يعقل انفكاك المنشأ عن الإنشاء والسبب ، ولا سيّما فيما إذا كانت الأسباب مختلفة الحقائق ، كالعربية والعجمية وغيرهما.
وفي الجملة فالتلفّظ بالصيغة يوجب وجودا إنشائيا للبيع على مذهبهم ، فلا يتصوّر انفكاكه عنه ، وعليه فإمضاء الوجود الإنشائي والتنزيلي إمضاء