في اعتبار الماليّة في البيع ، حسب ما يقتضيه ظاهر تعريف البيع في كتاب مصباح اللغة ، أو في اعتبار شيء آخر عندهم. فعند من يقول بأنّها وضعت للصحيحة لا يجوز التمسّك بالإطلاق ، لاحتمال دخل الماليّة في صدق البيع ، كما إذا باع الذباب ، أو الخنفساء ، أو البعوضة والبقّة ، أو حبّة من الحنطة ، أو قطرة من البحر ، أو مثقالا من التراب وأمثال ذلك ممّا لا مالية لها في مثل بلادنا عند العقلاء ، فنشكّ في صدق البيع على تلك الامور ، ومع ذلك الشكّ لا مجال لنا للتمسّك بالإطلاق ، بخلاف القول بالأعمّ ، فإنّ من يقول به فله المجال من التمسّك بالإطلاق حتّى في هذه الموارد كما لا يخفى.
وقد انتهى الكلام إلى المقام الثاني ، فلا يذهب عليك أنّ حكمه صار واضحا ممّا ذكرناه مفصّلا في المقام الأوّل.
وإجماله أنّك قد عرفت عدم تعقّلنا معنى صحيحا للأسباب والمسبّبات ، كالعلّة والمعلول ، والمسبّب والأسباب التكوينية في باب المعاملات على نحو الإيجاد والوجود أو الإنشاء والمنشأ ، إلّا الاعتبار النفساني القائم بوجود البائع والمعتبر الذي يكون هو المباشر والمتصدّي للبيع ، ومن الواضحات أنّ هذا السنخ من المسبّب بهذا المفهوم من المعنى قابل للاتصاف بالصحّة والفساد ، إذ الاعتبار إذا كان من أهله وفي محلّه.
مثل ما إذا صدر البيع من البائع العاقل المميّز الرشيد بالنسبة إلى شيء متّصف بالماليّة عند العقلاء ، فلا جرم أنّ ذلك الاعتبار يتّصف بالصحّة ، كما أنّ ضدّه لا محالة يتّصف بالفساد عند العرف والعقلاء ، لأنّ الاعتبار إذا صدر من أهله ووقع في محلّه كما إذا باع عاقل رشيد ما له ماليّة من أمواله لمن يكون قابلا للتملّك. فلا ينبغي الريب في أنّ مثل هذا السنخ من البيع والاعتبار يتّصف بالصحّة عند العقلاء ، كما أنّ ضدّه يتّصف بالفساد عندهم كذلك.