أمّا الجزئية فعبارة عن أخذ الشيء قيدا في المركّب ، كأخذ تلك الأجزاء المتقدّمة في حقيقة الصلاة.
وبعبارة اخرى : إنّ أجزاء الصلاة عبارة عن أخذ عدّة امور فيها بالتركيب والتأليف ـ كالقيام ، والنيّة ، والتكبيرة ، والقنوت ، والركوع ، والسجود ، والتشهّد والسلام ـ قيدا في الصلاة ، لأنّ المركّب الذي تعلّق أمر المولى به من الصلاة ليست إلّا نفس هذه الأجزاء ، ولكن مقيّدا بتقدّم بعضها على البعض الآخر مع ملاحظة الترتيب في إتيان كلّ واحد بعد الأوّل وقبل الآخر. فالقراءة جزء للصلاة بشرط تقدّمها على الركوع وتأخّرها عن التكبيرة ، وهكذا الركوع بالنسبة إلى التشهّد ، والتشهّد بالنسبة إلى السلام والسجود. والحاصل أنّه من تعلّق أمر الشارع بالصلاة المركّبة التي تركّبت من هذه الأجزاء والامور المتقدّمة ينتزع جزئية تلك الامور للصلاة ، فيقال : إنّ القيام والنيّة والقراءة والركوع والسجود والتشهّد والسلام أجزاء للصلاة.
فإذا كانت بحسب التحليل حقيقة الصلاة نفس هذه الأجزاء ، فلا شكّ يبقى لأحد في أنّ الأمر بالصلاة بعينه أمر بنفس هذه الامور من تلك الأجزاء المتقدّمة ، ولكن لا على نحو الاستقلال ، بل على نحو الارتباط.
فصار المتحصّل أنّ الجزئية إنّما تنتزع من أمر المولى بالمركّب ، مثل ما إذا قال : صلّ بالقيام والنيّة والقراءة والركوع والسجود والتشهّد والسلام ، إذا المكلّف بعد إحراز تعلّق أمر المولى بالصلاة التي تتركّب من الامور المذكورة ينتزع جزئيّة كلّ واحد من تلك الامور للصلاة ، فيقول : إنّ القيام جزء للصلاة ، وهكذا إلى آخر الأجزاء. وعلى ضوء هذا البيان فلا محالة أنّ الأمر بالمركّب ليس إلّا الأمر بنفس تلك الأجزاء على نحو التقييد والارتباط على نحو وجوب النفسي لا الغير المقدّمي.