والسوق والدكاكين ، والدوائر ، والحرب ، والمزارع والمراتع بحسب تطوّرات الزمان من القديم والجديد ، والخطوط الجوية والبريّة ، والبحرية ـ من الكلام. إذ لو لا الاشتراك لاختلّ نظام التفهيم في الوصول إلى ما يحتاج من تلك المعاني غير المتناهية بالألفاظ المتناهية ، لقصور الألفاظ عن إراءة المقصود من المعاني عند الاحتياج ، لكثرة المعاني غير المتناهية ، ولقلّة الألفاظ المتناهية.
وبعبارة اخرى : إنّ الألفاظ لمّا كانت متناهية والمعاني غير متناهية لا يمكن الوصول إلى غير المتناهي بالمحدود المتناهي ، فيختلّ النظام الحياتي في مقام التفهيم والتفهّم عند المخاطبة. وليس هناك طريق في دفع ذلك المحذور المهمّ الذي فيه خطر الفناء والهلاك لقاطبة أبناء البشريّة في أقطار العالم أسهل من الالتزام بالاشتراك في تمام اللغات الدارجة في المحاورة.
والحاصل أنّ المستدلّ التزم بوجوب الاشتراك في الوضع لمقدّمتين :
أحدهما : عدم تناهي المعاني ، لأنّها لا تعدّ ولا تحصى.
وثانيها : تناهي الألفاظ ، ولعدم إمكان الوصول بالمتناهي إلى ما لا نهاية له ، فتكون الألفاظ غير كافية لإراءة المعاني عند الاحتياج إليهما في مقام التفهيم والتخاطب والإبراز والدلالة.
والحاصل : أنّ مقصود هذا البعض من الاستدلال على الوجوب في الالتزام بالاشتراك في اللغة عبارة عن أنّ الألفاظ والكلام المتركّب منها متناهية ، والمعاني الموجودة في الواقع ونفس الأمر والتي تكون مورد احتياج البشر في أقطار عالم الإنسانية غير متناهية. ومحلّ الحاجة إلى تفهيم المعاني الموجودة في نظام الحياة جميعا تطلب من واضع اللغة وجوب الاشتراك ، لئلّا يبقى معنى من المعاني بلا لفظ دالّ عليه في مقام الدلالة والإبراز والتخاطب ، وإلّا فيختلّ النظام ويفوت الغرض من الوضع الذي هو عبارة عن الوصول إلى المعاني.