نعم ، إذا كان المراد من الاشتراك ما نحن نفسّره ، وهو عبارة عمّا إذا قال المتعهّد لأهل المحاورة : كلّما تكلّمت بكلمة زيد أردت واقع هذين الفردين من الشخصين ، لا مفهومهما على البدل بعنوان أحدهما الذي يعيّن بالقرينة المعيّنة. فذلك لا مانع من الالتزام به حتّى على مسلكنا المختار بلا لزوم استحالة وإشكال ، بل هذا المعنى من الاشتراك بعد وقوعه في محاورة العرف والعقلاء ووجوده في القرآن الكريم صحيح بلا مانع عنه وإشكال.
وإن شئت قلت : أنّ الوضع على ما اخترناه عبارة عن ذلك التعهّد المجرّد عن الإتيان بأيّة قرينة ، وعليه فلا يمكن للواضع أن يجمع بين العهدين والتعهّدين كذلك أو أزيد في لحاظ لفظ واحد وكلمة فاردة ، فإنّ الثاني مناقض للأوّل ، ولا يمكن أن يجتمع معه إلّا أن ينصرف الواضع عن الأوّل ويرفع اليد عنه إلى الثاني ، وأن يتعهّد ويلتزم ثانيا بأنّه متى ما تكلّم بذلك اللفظ الخاصّ يقصد منه تفهيم أحد المعنيين الخاصّين ، أو أحد المعاني ، فالذي يمكن من الاشتراك هو عبارة عن هذا المعنى ، أعني به رفع اليد عن الالتزام الأوّل والالتزام من جديد بأنّه متى ما تكلّم بذلك اللفظ فهو يريد منه تفهيم أحد المعنيين على شكل من وضع العامّ والموضوع له الخاصّ.
نعم ، في مقام الاستعمال لا بدّ من نصب قرينة على إرادة تفهيم أحدهما المعيّن بالخصوص ، فإنّ اللفظ غير دالّ إلّا على إبراز أحدهما لا بعينه ، فهذا المعنى لا محصّل له من حيث النتيجة إلّا الاشتراك اللفظي من ناحية تعدّد الموضوع له وكون استعمال اللفظ في كلّ واحد من المعنيين أو المعاني استعمالا حقيقيا ومحتاجا إلى نصب قرينة معيّنة.
نعم ، إنّما يتصوّر الافتراق بينهما من ناحية الوضع فقط ، فإنّه متعدّد في الاشتراك بالمعنى المشهور والمتنازع فيه وواحد في الاشتراك على مذاقنا.