خلافه ، وذلك من جهة أنّ لحاظ المعنيين في استعمال واحد لا محذور فيه ، لأنّ عالم النفس والتعقّل والتصوّر واللحاظ له سعة أوسع ممّا تخيّله هو قدسسره ، إذ لوح النفس قابل لأن تنعكس فيه صور أشياء كثيرة من الموضوع والمحمول والنسبة في الاستعمال.
بل إنّ ذلك مضى عن مرحلة الإمكان ووصل إلى مرحلة الوقوع والتحقّق الخارجي في جميع الاستعمالات في تمام المحاورات كما في اللغة العربيّة ، مثل قولك : زيد قائم ، إذ لو لا لحاظك الموضوع الذي هو عبارة عن (زيد) والمحمول الذي هو عبارة عن قيامه ، ولحاظ نسبة القيام إليه وانتسابه له واتّصافه بهذه الهيئة ، فكيف يمكنك أن تقول : زيد قائم ، وتسند (زيد) إلى القيام والقيام إلى (زيد) في استعمال واحد وفي لحظة واحدة ، بل المخبر بالقيام بالضرورة من الوجدان لاحظ الموضوع والمحمول والنسبة التي تكون بينهما ، ثمّ بعد اللحاظ حمل المحمول على الموضوع.
بل يفيدنا بأزيد ممّا ذكرناه من التوضيح في المقام ما ذكرناه في الدورة السابقة من المثال الذي ذكرناه هناك بأنّ من يريد تعلّم اللغة العربية إذا قال : اسقني الماء ، فلا محالة بالقطع واليقين يكون لاحظ المعنيين المستقلّين في لحاظ واحد ، أحدهما يكون لحاظ تعلّم اللغة العربيّة ، والثاني لحاظ مفهوم الماء. فعلى ضوء التقريب انقدح أنّه لا وجه لتخيّل استحالة لحاظ المعنيين المستقلّين في استعمال واحد على نحو الاستقلال بالنحو المتقدّم الذي تصوّره شيخنا الاستاذ قدسسره من المحالات.
وبالجملة فقد انتهى كلامنا إلى بيان كلام شيخنا الاستاذ قدسسره من استحالة مثل هذا السنخ من الاستعمال في أكثر من معنى واحد وجوابه بالتفصيل المتقدّم ، وملخّصه بالإجمال عبارة عن أنّ الأمر ليس كما تخيّل ، إذ النفس بما أنّها جوهر