النوعية كالإنسان والشجر والمدر والتراب والحجر ، إذ لا شكّ أنّ صدق عنوان الشجرية والمدرية والترابية يتقوّم ببقاء الصورة النوعية ، فالإنسان والشجر إذا كانا باقيين بحالة الصورة الإنسانية والشجرية في ضمن تلك الصورة الباقية النوعية التي تكون في قبال الصورة النوعية لسائر الأشياء يجوز أن يطلق عليه عنوان الإنسان والشجر ، وإذا صار ترابا ورمادا بالإحراق فالإطلاق غلط وكذب ، بل الصحيح عند ذلك هو صدق عنوان الرماد والتراب عليه ، لاتصافه بهذه الصورة الجديدة دون صورته الاولى.
والحاصل بعد تبدّل الصورة النوعية الأوّلية إلى هذه الصورة النوعية الجديدة الترابية والرمادية لا يصدق عليها عنوان الإنسان والشجر عند من يكون في المحاورة من أهل النظر وإن كان الجسم والهيولى بحالهما باقيين مع دقّة النظر ، لأنّ مجرّد الاستعداد لا يكفي في صدق الجري ، بل إنّما يدور صدق الجري مدار بقاء صورة النوعية.
والوجه في ذلك أنّ المبادئ في أمثال ذلك مقوّمة لنفس الحقيقة والذات ، وبانتفائها تنتفي الذات ، فلا تكون الذات باقية بعد انقضاء المبدأ.
وبعبارة اخرى : إنّ شيئية الشيء إنّما تكون بصورته النوعيّة لا بمادّته ، فإذا فرض تبدّل الإنسان بالتراب ، أو الكلب بالملح ، فما هو ملاك الإنسانيّة أو الكلبيّة وهو الصورة النوعيّة التي قد انتفت وانعدمت ؟ ووجدت حقيقة اخرى وصورة نوعيّة جديدة ثانية ، وهي عبارة عن الصورة النوعيّة الترابية أو الملحية.
ومن البديهيات الأوّلية أنّ الإنسان والكلب والشجر لا يصدق على التراب والملح والرماد أصلا وأبدا بوجه من الوجوه ، لأنّ الذات غير باقية ، وهي منعدمة بانعدام الصورة النوعيّة ، ومع عدم بقاء الذات لا يشملها النزاع ، ولا معنى لأن يقال : إنّ الإطلاق عليها حقيقة ، أو لا بل هو يكون من باب المجاز.