لموضوع العلم.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ الإشكال يدور مدار أمرين :
الأوّل : لزوم كون البحث في العلوم عن العوارض الذاتيّة لموضوعها.
والثاني : عدم كون عوارض النوع ذاتيّة للجنس ، وهكذا بالعكس.
على أنّهما يطلبان أمرا واحدا وأصلا فاردا ، وهو عبارة عن قيام الدليل على لزوم الالتزام بلزوم وجود الموضوع في كلّ علم من العلوم ، وأنّى لهم بإثبات ذلك حسب ما تقدّم ، وعلى هذا لا يبقى موضوع بحث لهذين الأمرين حتّى تبلغ النوبة إلى ورود الإشكال أو الإشكالات المتعدّدة.
وعلى كلّ حال وقد اختار كلّ واحد من الأعلام والمحقّقين في دفع هذا الإشكال مفرّا من حيث اليمين والشمال ، ولا يمكنهم الفرار عنه.
ومنهم صدر المتألّهين في كتاب الأسفار ، وعليك بالمراجعة إلى متن جوابه قدسسره (١) ، ولكنّ الحقّ والإنصاف أنّ جوابه ليس بمفيد إلّا في مسائل الحكمة والفلسفة.
وبالجملة فقد انقدح لك بما أسلفناه في المقام أنّه لا يبقى إشكال من الأصل والأساس ، فيكون الإشكال سالبة بانتفاء الموضوع ، فإنّه يبتني على الالتزام بالأمرين المتقدّمين اللذين يدوران مدار الأصل والأساس الواحد ، وهو ليس إلّا الالتزام بلزوم موضوع واحد في كلّ واحد من العلوم المدوّنة ، وقد مرّ عليك أنّنا ما وجدنا الدليل عليه بالعنوان العامّ ، على أنّك قد عرفت منّا إقامة البرهان على نفيه بصورة خاصّة في بعض العلوم ، كعلم الفقه والاصول وأمثالهما.
نعم ، يمكن ورود الإشكال من ناحية أنّ وحدة العلم تدور مدار وحدة
__________________
(١) الأسفار الأربعة ١ : ٣٣ ، فصل موضوع العلم الإلهي.