والخلاصة أنّ أسماء الأزمنة لم توضع بوضع على حدة في مقابل أسماء الأمكنة ، بل الهيئة المشتركة بينهما وهي عبارة عن هيئة (مفعل) وضعت بوضع واحد لمعنى واحد كلّي ، وهو كما تقدّم عبارة عن ظرف وقوع الفعل في الخارج ، أعمّ من أن يكون زمانا أو مكانا. وقد تقدّم أنّ البحث والنزاع إنّما هو في وضع الهيئة من دون أيّ نظر إلى مادّة دون مادّة ، فإذا فرض عدم تعقّل بقاء الذات في مادّة مع زوالها لم يوجب ذلك عدم جريان النزاع في الهيئة نفسها ، التي هي مشتركة بين ما يعقل فيه بقاء الذات مع انقضاء المبدأ عنها وما لا يعقل ذلك فيه. وحيث إنّ الهيئة في محلّ البحث وضعت لوعاء المبدأ الجامع بين الزمان والمكان كان النزاع في وضعها لخصوص المتلبّس أو الأعمّ نزاعا معقولا ، نهاية الأمر أنّ الذات إذا كانت من قبيل الزمان والتكلّم لم يعقل بقائها مع زوال التلبّس عن المبدأ ، وإذا اتّفق مكانا يمكن تعقّل ذلك فيه ، وقد علمت أنّه لا مانع من وضع اللفظ للجامع بين الفرد الممكن والممتنع إذا تعلّقت الحاجة بذلك في مقام التفهيم والتفهّم.
نعم لو كانت هيئة اسم الزمان بخصوصها موضوعة لخصوص الزمان الذي وقع فيه الفعل على حدة ، فحينئذ لا مناص من الالتزام بخروج اسم الزمان عن حريم البحث والنزاع بالوضوح التامّ. هذا.
وقد انتهى كلامنا إلى بيان الأمر الثاني ، فاعلم أنّه قد تقدّم أنّ محلّ البحث في المشتقّ مخصوص ومنحصر بما إذا كان المشتقّ عرضا أو عرضيّا بعنوان المحمول بالضميمة محمولا على الذات كهيئة الفاعل والمفعول ، بخلاف مثل هيئات المصادر من المجرّد والمزيد التي تشتقّ عن المصادر المجرّدة ، فإنّها خارجة عن محلّ الكلام ، لأنّها موضوعة للدلالة على نفس المبدأ كأصل المصادر المجرّدة ، إذ أنّها غير محمولة على الذات حتّى يقال : إنّها اسم لخصوص