الموضوع لها عند الاستعمال في نفس الزمان ، والحال أنّ أحدا منهم لم يلتزم بذلك التجريد ، بل هم يرون صحّة استعمالها في نفس الزمان بلا عناية وتجريد ، بل يرون صحّة استعمالها في خالق الزمان ، كقوله لنا : كان الله تبارك وتعالى ولم يكن معه شيء ، فضلا عن الزمان ، بل صحّة استعمالها أظهر من الشمس حتّى في آيات من الكتاب الشريف مثل : علم الله وأراد الله وخلق الله تعالى ، وأمثال ذلك من الأمثلة التي هي أكثر من أن تحصى.
فانقدح لك بذلك التقريب أنّ معنى الأفعال ليس هو الدلالة على الزمان بوجه من الوجوه عند الحكاية عن تحقّق النسبة على الماضي والاستقبال والحال ، بل الفعل موضوع للمعنى العامّ بحيث يستوي فيه الزمان والزماني ، فهو في الماضي عبارة عن إبراز الإخبار عن تحقّق النسبة ، وكفاك شاهدا على ذلك أنّ تحقّق النسبة موجود قبل التكلّم باللفظ ، وهذا يكون هو الفارق بين الماضي والاستقبال.
نعم إذا استعمل الفعل في نفس الزمان كقولك : (ضرب زيد عمروا) فبالملازمة يدلّ على تحقّق الضرب في زمان قبل التكلّم إذا كان الإخبار صادقا ، وذلك من جهة أنّ الزماني لا يمكن أن يكون عاريا عن الزمان.
وبالجملة ، فقد انتهى كلامنا إلى بيان دلالة الفعل على الزمان ، وقد عرفت من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ الحقّ عدم دلالته على الزمان وملخّص القول في ذلك هو أنّ كون الزمان جزءاً لمدلول الأفعال بعيد ، بل هو باطل بالقطع واليقين ، لعدم دلالتها عليه من حيث المادّة والهيئة.
أمّا بحسب المادّة فظاهر ، لأنّها لا تدلّ إلّا على نفس الطبيعة المهملة من دون أن تؤخذ فيها أيّة خصوصيّة فضلا عن الزمان.
وأمّا بحسب الهيئة فإنّ مفادها نسبة المادّة إلى الذات على نحو من أنحاء