الموضوع. وإذا فرضنا أنّه لا موضوع له فلا محالة يصبح بلا وحدة من حيث الموضوع.
ولكنّ الحقّ والإنصاف أنّ ذلك الإشكال يندفع بأنّ الوحدة المفروضة في كلّ علم ليست بشكل الوحدة الحقيقيّة ، حتّى نحتاج إلى إثبات موضوع جامع حقيقي بين موضوعات مسائله ، بل إنّما الوحدة وحدة عنوانيّة اعتباريّة يكون قوامها بيد المعتبر ، بتقريب أنّ المعتبر يعتبر جملة من القضايا المتشتّتة والقواعد المتباينة من حيث الموضوع والمحمول علما ، ويشخّصها باسم خاصّ في قبال علم آخر الذي سمّي عند كاتبه باسم مخصوص آخر من ناحية اشتراكها في الدخل في حصول غرض واحد.
والحاصل أنّنا إذا سلّمنا على فرض المحال لزوم وحدة الموضوع لكلّ علم من العلوم ، فأيّ دليل نتمسّك به على لزوم اعتبار أن يكون البحث فيه عن عوارضه الذاتيّة لموضوعه ، بالنحو الذي وقع فيه المشهور من الفلاسفة ، من دون وجود طريق خلاص لهم من تلك المشاكل.
فإذن إنّ الحقّ الذي هو قريب من التصديق في المقام من دون توجّه أيّ إشكال يتصوّر فيه عبارة عمّا اخترناه من دون وجه عدول عنه ، إذ حقيقة كلّ علم ليست بحسب الواقع إلّا عبارة عن عدّة من المسائل المتعدّدة المتكثّرة والقواعد المختلفة من حيث الموضوع والمحمول ، التي جمعها الاشتراك في الفضل ، لحصول غرض واحد منها.
فانقدح أنّه لا بدّ أن نبحث في كلّ علم عمّا له دخل في حصول الغرض المطلوب منه بما له من الموضوعات والمحمولات والمسائل ، من دون أيّ فرق بين كون البحث عن عوارضه الذاتيّة بما له من المعنى الاصطلاحي عند أهله ، أو كان من نوع عوارضه الغريبة ، من دون وجود أيّ ضرورة ملزمة للالتزام بلزوم